تلقَّت إيران مؤخَّرًا طائرات تدريب متقدِّمة من طراز «ياكوفليف ياك-130/ Yakovlev Yak-130» من روسيا، وجاءت هذه الخطوة كجزءٍ من محاولاتها الأخيرة لتحديث قوّاتها الجوِّية القديمة والمتهالكة. طائرات «ياك 130» ذات مقاعد مزدوجة وثنائية المحرِّك، ولديها القُدرة على القيام بهجمات خفيفة وثانوية. وحسبما أفادت به التقارير، يبلغ الحد الأقصى لوزن الإقلاع للطائرة 3000 كيلوغرام، وتبلغ سرعتها 572 عُقدة، ومداها يصل من 1600 كيلومتر إلى 2000 كيلومتر، وقُدرتها على الطيران تبلغ ثلاث ساعات. وتُعتبَر هذه أول طائرة مقاتلة تتلقّاها إيران قادرة على القيام بعمليات قتالية، منذ سنوات. زوَّدت إيران روسيا بمئات من الطائرات المسيَّرة «الانتحارية»؛ لدعم جهودها الحربية في أوكرانيا. وعلى الرغم من أنَّ التوقُّعات تُشير إلى أنَّ إيران ستتلقَّى طائرات مقاتلة متقدِّمة من طراز «سو-35» بحلول منتصف عام 2023م، فقد زوَّدتها روسيا بدلًا منها بطائرات التدريب من طراز «ياك-130» (انظر الجدول 1 للاطلاع على المقارنة بين الطائرتين).
كان من المقرَّر أن تشتري إيران مقاتلات «سو-35» من روسيا، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان الاتفاق قد انهار كما تُشير بعض التقارير المختلفة، أم أنَّ تسليم الطائرات قد تأجَّل إلى وقتٍ آخر. قال وزير الدفاع الإيراني محمد رضا أشتياني، مؤخَّرًا: إنَّ إيران قد تتمكَّن من إنتاج الطائرات المقاتلة محلِّيًا، وذلك عندما سُئل عن مصير صفقة الطائرات المقاتلة «سو-35». وتُكثِّف إيران من محاولاتها لتصنيع طائرات تدريب محلِّية، كما هو واضح من خط إنتاج طائرات «هيسا ياسين»، الذي تمَّ تدشينه مؤخَّرًا. وتُعَدُّ «سو-35» طائرةً حديثةَ الطراز، تضُمّ العديد من الأجهزة المتقدِّمة، ولا يمكن أخْذ الادّعاءات الإيرانية بإنتاج مثل هذه الأنظمة المعقَّدة محلِّيًا على محمل الجد؛ لأنَّ إيران تفتقر إلى القُدرة على إنتاج أنظمة دفع متقدِّمة أو أجهزة ملاحية رقمية أو مكوِّنات الاتصالات المتقدِّمة، بالإضافة إلى أنَّها تفتقر إلى الموارد المالية والمعرفة التقنية المتقدِّمة.
لقد أعلن مسؤولون إيرانيون في عدَّة مناسبات، أنَّ روسيا ستبيع مقاتلات «سو-35» إلى إيران. وأكد ذلك قائد القوات الجوِّية الإيرانية العميد حامد وحيدي، في وقت سابق من هذا العام، وكذلك عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني شهريار حيدر، الذي أكد أيضًا أنَّ الصفقة متعلِّقة بتسليم طائرات «سو-35» إلى إيران.
ومن المؤكد أنَّ الحرب الروسية-الأوكرانية أثَّرت على الإنتاج الدفاعي الروسي، وقد تكون هذه الحرب هي السبب في تأخير تسليم طائرات «سو-35» إلى إيران. وبالمثل، لم تتمكَّن روسيا من تسليم الأسلحة إلى الهند في وقت سابق من شهر مارس الماضي، وهُنا ربط العديد من المراقبين عدم تسليم الطائرات باحتياجات الحرب الروسية في أوكرانيا. لقد أدَّى الطلب المُتزايد على الأسلحة في خِضَم الحرب الروسية-الأوكرانية، إلى حالة من عدم الاستقرار في صادرات المعدَّات العسكرية الروسية.
وعلى الرغم من تأخُّرها في تسليم طائرات «سو 35»، فإنَّ إرسالها طائرات «ياك 130» يُشير إلى رغبة روسيا في تعميق تعاونها الدفاعي مع إيران، ويُعزى التأخير أيضًا إلى العلاقات الوثيقة بين روسيا وإسرائيل. في يونيو الماضي، نشر أكسيوس تقريرًا يُشير إلى أنَّ المسؤولين الإسرائيليين أعربوا عن مخاوفهم لنظرائهم الروس، بشأن توسيع التعاون العسكري الروسي مع إيران، وبشأن إمدادات روسيا المُحتمَلة لأنظمة أسلحة متطوِّرة إلى إيران. تجدُر الإشارة في هذا السياق إلى علاقة الكرملين المتنامية مع دول الخليج؛ إذ تُفضِّل موسكو عدم المخاطرة بعلاقاتها المتينة مع شركائها الخليجيين في هذه المرحلة. ويمكن لروسيا أيضًا أن تأخذ بعين الاعتبار تداعيات طويلة المدى والاختلافات المُحتمَلة مع إيران، خاصَّةً في حال تدهورت العلاقات بين البلدين، وقرَّرت إيران نشرَ الطائرات في سوريا؛ الأمر الذي يتضارب مع المصالح الروسية.
ومن المُرجَّح أن تستخدم القوات الجوِّية الإيرانية طائرات «ياك 130» لتدريب طيّاريها على طائرات «سو-35»؛ لأنَّها تُعَدُّ بمثابة وسيلة مناسبة لتدريب الطيارين تدريبًا متقدِّمًا. وغالبًا ما تُستخدَم «ياك 130» كأحد أبرز طائرات التدريب؛ لمساعدة الطيارين على تطوير المهارات والخبرات اللازمة، قبل الانتقال إلى طائرات قتالية متقدِّمة مثل «سو 35». وعلاوةً على ذلك، تُوفِّر هذه الطائرات وسيلةً فعّالة وقليلة التكلفة لتدريب الطيّارين على مُختلَف مناورات الطيران والمهارات القتالية؛ من أجل مساعدتهم في الاستعداد لتحدِّيات تشغيل الطائرات المقاتلة المتقدِّمة عالية الأداء مثل «سو 35». ومن جانبهم، يرى خبراء الدفاع أنَّ حصول إيران على طائرات «ياك 130» يُعَدُّ خطوةً منطقيةً تمهيدية، قبل الحصول على طائرات مقاتلة من الجيل الرابع أو الخامس.
قامت العلاقات التاريخية بين إيران وروسيا أساسًا على المخاوف والاحتياجات المُتبادَلة بدلًا من الثقة، وفي حال فشلت حكومة رئيسي في التصالح مع الغرب، من المرجَّح أنَّها ستمنح أولويةً إضافية لروسيا، إذ تنظر موسكو إلى علاقاتها مع طهران على أنَّها ورقة إستراتيجية لتلعب بها. رُبّما لم تنهار صفقة «سو-35»، ومن المُحتمَل أن تتعزَّز الشراكة بين إيران وروسيا في العديد من القطاعات؛ فكلا البلدين يواجهان عقوبات صارمة، لذا من غير المرجَّح أن تتخلَّى روسيا عن تعاونها مع إيران. ناهيك عن أنَّ إيران بيدها حاليًا بدائل محدودة للحصول على أنظمة عسكرية متقدِّمة، وفي مساعيها السابقة لشراء أنظمة دفاع جوِّي متقدِّمة من روسيا، واجهت تأخيرات على فترات طويلة. وفي هذه المرحلة، ليس لدى إيران سوى عدد قليل من شركاء الدفاع، من أولئك الذين يمكن الاعتماد عليهم؛ ليُساعدوها في تطوير برنامجها لتحديث القوات الجوِّية.
جدول (1): مقارنة بين طائرات «سو 35» و«ياك 130»
ياك 130 | سو-35 (فلانكر-إي) | المواصفات |
طائرات تدريب قتالية خفيفة وطائرات تدريب أساسية ومتقدِّمة والقيام بمهام استطلاعية | طائرات مقاتلة متعدِّدة الأدوار متقدِّمة للغاية، مُصمَّمة للمعارك الجوِّية، والهجوم البرِّي، ذات قُدرة عالية على المناورة، وتنفيذ مهام الاستطلاع والمرافقة | الدور / المهمة |
1,060 كم / ساعة | 2778 كم / ساعة | السرعة القصوى |
12,497 م | 18000 م | ارتفاع التحليق |
2000 كم | 3,600 كم | المدى |
أنظمة رادار أقلّ تقدُّمًا | أنظمة رادار أكثر تقدُّمًا | الخاصية الشبحية والرادار |
طيّاران | طيّار واحد | الطاقم |
الطول 11.49 م مساحة الجناح 9.72 م الارتفاع 4.76 م الوزن (فارغ) 4.6 طن الوزن (الحد الأقصى للإقلاع) 9 طن | الطول 21.9 م مساحة الجناح 15.3 متر الارتفاع 5.9 م الوزن (فارغ) 18.4 طن الوزن (الحد الأقصى للإقلاع) 34.5 طن | الوزن والأبعاد |
بمحرِّكين من نوع Povazske Strojarne DV-2SM أو بمحرِّكين نفّاثين جانبيين AI-222-25 من إيفتشينكو بروغرس Ivchenko-Progress | محرِّكان من نوع ساتورن 117 إس (آي إل 41 إف إس) 2 x Saturn 117S (AL-41F1S) | مواصفات المحرك |
مصادر البيانات: MilitaryToday.com and Janes