يوم الخميس 23 مارس الجاري، عرض 14 سيناتورًا أمريكيًّا، من بينهم بوب منندز وبوب كوركر من الحزب الجمهوري، وبن كاردين من الحزب الديمقراطي، طرحًا مشتركًا بهدف فرض مزيد من العقوبات ضدّ إيران، إذ يمكن أن يؤثر التصديق على هذا المقترح، بالإضافة إلى الاتِّفاق النوويّ مع طهران، على الاصطفاف الحاليّ للقوى في المنطقة.
المقترح أو “مشروع القانون” الجديد لمجلس الشيوخ باسم “قانون المواجهة مع الإجراءات الإيرانيَّة المزعزعة للاستقرار-2017م”، الذي يحظى بفرصة كبيرة ليتحول إلى قانون، ووَفْقًا لقول مُعِدّ مشروع القانون (السيناتور منندز مخاطبًا “رويترز”) فقد صيغت وأُعِدّت مسوَّدة القانون بصورة لا تضرّ بمفاد الاتِّفاق النوويّ الموقَّع في 14 مايو 2015م.
مع هذا، ففي حالة التصديق على مسوَّدة القانون المذكور في مجلس الشيوخ، مجلس النواب، وتوقيع رئيس الجمهورية، سيكون الحفاظ على خُطَّة العمل المشتركة الشاملة التي وُضعت في حيز التنفيذ منذ 16 يناير 2016م، أمرًا صعبًا للغاية.
في ظلّ الظروف الراهنة، التي فيها الأمن الداخلي والهيكل السياسي للدول الثلاث العراق وسوريا واليمن في حالة انتقالية، فإن إلغاء الاتِّفاق النوويّ مع إيران سوف يهيِّئ الأجواء لتصاعد توتُّرات جديدة بين القوى الإقليمية والدولية.
فرض عقوبات على الحرس الثوري
عُرِّف الحرس الثوري الإيرانيّ في مسوَّدة المشروع الجديدة لأعضاء مجلس الشيوخ الأمريكيّ بوصفه منظَّمة إرهابية، وعلى الرغم من فرض عقوبات ضدّ عدد كبير من عناصر الحرس الثوري وقوات فيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري، فضلًا عن عشرات المؤسَّسات التابعة للحرس الثوري، فإن هذه المؤسَّسة العسكرية-الأمنية الإيرانيَّة ككل، لم تُعرِّفها واشنطن حتى الآن بوصفها مؤسَّسة إرهابية، ولم توضع في القائمة السوداء لأمريكا.
من النتائج التي لا يمكن غضّ الطرف عنها وتجاهلها لوضع الحرس الثوري الإيرانيّ في قائمة المنظَّمات الإرهابية، فقدان الوضع القانوني لأي نوع من أنواع التعاون العسكري أو الاستخباراتي بين القوات الأمريكيَّة المستقرة في العراق وسوريا، وقوات فيلق القدس التابعة للحرس الثوري.
النتيجة الأخرى لمثل هذا التحول هي اتخاذ الجمهورية الإيرانيَّة إجراءً مضادًّا، ومن المحتمَل أن تسمِّي دولة أو اثنتان من حلفاء طهران القوات العسكرية الأمريكيَّة المستقرة في المنطقة “قوات إرهابية”.
في السابق أعلن عدد من كبار المسؤولين في القوات المسلَّحة الأمريكيَّة ومؤسَّسة الاستخبارات ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكيَّة (سي آي إيه) عن استياءهم من اتخاذ مثل هذا القرار.
العقوبات الصاروخية
أثارت الأنشطة الصاروخية الإيرانيَّة حساسيات كثيرة في أمريكا وبعض دول المنطقة، وذلك لسببين:
1- التطورير الكمي والكيفي للصواريخ، بما يشمل زيادة المدى، ودقة الاستهداف، وتحسين أداء قوة الدفع، وكذلك المقدرة على إنتاج عدد ضخم منها.
2- إرسال منتجات متنوعة من الصواريخ إلى دول المنطقة، واستقرار أنواع من الصواريخ التكتيكية وقصيرة المدى في جنوب لبنان (حزب الله) وغزة (حماس) وسوريا، بالإضافة إلى إرسال الصواريخ إلى الحوثيين في اليمن.
محمد علي جعفري، القائد العامّ لقوات الحرس الثوري، أعلن لأول مرة في نوفمبر 2012م، أن إيران وضعت تقنية إنتاج صواريخ “فجر5” (قُطر 333 ملليمترًا، وقود جامد، مدى 75 كيلومترًا، رأس حربي بوزن 178 كيلوغرامًا، لديه المقدرة على الوصول إلى تل أبيب) بين يدي حركة حماس.
وفي ما يتعلق بتسليم أنواع الصواريخ لحزب الله، قلّما بادرت إيران إلى كشف النقاب عن هذا الأمر. بناءً على تقييم المصادر المستقلة، يمتلك حزب الله وحده 120-150 ألف صاروخ، من بينها أنواع “فجر” 1 و2 و3 و5، وصواريخ “خيبر” و”زلزال” و”فتح 110″ و”سكود-دي”.
خلال حرب العامين الماضيين بين الحوثيين والقوات الحكومية اليمنية والسعوديَّة، نشرت الجمهورية الإيرانيَّة تقارير عديدة حول استخدام الحوثيين صواريخ سكود ضدّ السعوديَّة.
ردّ فعل حكومة ترامب
طُرح موضوع وضع الحرس الثوري في قائمة المنظَّمات الإرهابية، قبل استبعاد مايكل فلين، مستشار الأمن القومي السابق لرئيس الجمهورية، تزامنًا مع توجيه تحذير إلى إيران، هذا القرار الذي وُوجِهَ بعدم ترحيب البنتاغون ووكالة الاستخبارات الأمريكيَّة.
طُرح أيضًا رأي مشابه في فترة حكومة جورج بوش الابن، لكنه واجه اعتراض رئيس القيادة المركزية للقوات المسلَّحة في ذلك الوقت، استنادًا إلى أن مثل هذا القرار يمكن أن يعرِّض أرواح القوات الأمريكيَّة للخطر.
المقترح الجديد لأعضاء مجلس الشيوخ الأمريكيّ الجمهوريين والديمقراطيين، إذا أصبح قانونًا، فسيجعل الرئيس الأمريكيّ مكلَّفًا بأن يضع أي شخص أو أي مؤسَّسة، تتورَّط في البرامج الصاروخية الباليستية لإيران أو الإجراءات المعادية لحقوق الإنسان، حتى بعد خروج أسمائهم من قائمة العقوبات، مرة أخرى تحت وطأة العقوبات.
في القرار 2231 لمجلس الأمن الذي بموجبه وُضعت خطة العمل المشتركة الشاملة موضع التنفيذ، جرى التكهن بشأن فرض قيود من أجل إيران في ما يتعلق بالصواريخ الباليستية وتلقِّي وتصدير الأسلحة، إذ كُلّف الرئيس الأمريكيّ بمعاقبة المخالفين للقرار من (المؤسَّسات والبنوك والأشخاص)، من الفقرات الواضحة في هذا الطرح.
ومع الوضع في الحسبان إعلان المواقف المختلفة مع حكومة أوباما في ما يتعلق بالاتِّفاق النوويّ، فسيكون من الصعب جدًّا على الرئيس الأمريكيّ الجديد أن يمتنع عن التوقيع إذا جرى التصديق على مسوَّدة القانون الجديد بالعقوبات على إيران في الكونغرس الأمريكيّ.
خلال الأيام الأخيرة من حكومة الرئيس السابق باراك أوباما، وافق الكونغرس الأمريكيّ على مشروع العقوبات ضدّ إيران، لكن أوباما امتنع عن التوقيع عليه، وفي نفس الوقت لم يُعِد إرساله للتعديل، وعلى هذا النحو أصبح رأي النواب على هذا المشروع قانونًا استنادًا إلى اللوائح المتعلقة بكيفية التصديق والموافقة على القوانين في الكونغرس الأمريكيّ.
ردّ الفعل المحتمَل من إيران
يعتبر روحاني الاتِّفاق النوويّ أحد الإنجازات الكبرى لحكومته، وهو مستعد للحفاظ على إطار خُطَّة العمل المشترك حتى في حالة فرض أمريكا عقوبات جديدة فسوف يتجاوز الموضوع.
في ما يتعلق بقضايا انتهاك حقوق الإنسان في إيران، فإن حكومة روحاني على استعداد للحوار، وقد نشرت أيضًا بيانًا في هذا الصدد.
تشير تصريحات العميد أمير علي حاجي زاده، قائد القوات الجو-فضائية التابعة لجيش الحرس الثوري الإيرانيّ، في يوم 9 مارس 2017، التي قال فيها: “نُقلت الصواريخ الإيرانيَّة إلى المخازن بعد تهديد أمريكا”، إلى أن نصيب حكومة روحاني في دائرة اتخاذ القرارات بالنِّظام، بلغ حدّ أنها تستطيع أن تضع لبنة القيود في الوقت المناسب حتى في ما يخصّ القوات المسلَّحة وقوات الحرس الثوري.
مِن ثَمَّ ففي حالة اختيار روحاني مجدَّدًا رئيسًا للحكومة القادمة، فإن التصديق على قانون العقوبات الأمريكيَّة الجديد ضدّ إيران، من الممكن أن يمر مثل عدد من العقوبات الأخرى من جانب الاتِّفاق النوويّ، بدلًا من إغلاق الطريق أمامه.
وفي حالة عجز روحاني عن تشكيل الحكومة المقبلة وفشله أمام الأصوليين، سيتغير وجه القضايا الموجودة بين إيران وأمريكا، وستشمل هذه التغييرات المقبلة الاتِّفاق النوويّ، إذ سيتكرر نموذج عام 2005 الذي انتقلت فيه السُّلْطة من الإصلاحيين إلى فرع من الأصوليين.
مادة مترجمة عن موقع “راديو فردا”
الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعكس بالضرورة رأي المركز