الأسماء في سياسة إيران حُبلَى بالأحداث، فحينما نتحدث عن سعيد إمامي-المسؤول السابق في وزارة الاستخبارات فإننا نتحدث عن عمليات القتل المتسلسلة، وحينما نشير إلى محمود أحمدي نجاد نتذكر تزوير انتخابات عام 2009، وينقل اسم مير حسين موسوي أذهاننا صوب الإقامة الجبرية، ويُحيِي اسم حسين علي منتظري ذكرى عمليات قتل 1988 السياسية، والإشارة إلى اسم أبو الحسن بني صدر كناية عن العزل السياسي، مثل ليلة الثلاثاء الماضي حين قال مرشد الجمهورية علي خامنئي، خلال جلسة عامَّة في حضور رئيس الجمهورية حسن روحاني، عبر الإشارة إلى أحاديث روحاني بشأن الانسجام الوطني: “الشعب يجب أن لا يقسّم إلى قسمين، تلك الحالة التي أحدثها للأسف في عام 1981 رئيس الجمهورية آنذاك أبو الحسن بني صدر، حينما قسّم الشعب إلى مؤيِّد ومعارض، وهذا شيء خطير”.
حتى الآن لدينا في سياسة إيران كثيرون يتوقعون أو يتمنَّون أن يصبحوا “بني صدر”، ولكن لم يصبح أي منهم شبيهًا له بشكل دقيق، وعلى الرغم أن الأغلبية هُمِّشوا، أو أصبحوا من المعارضة، فإنه بحد أدنى في فترة خامنئي افتقر إلى الكاريزما أو قوة اتخاذ القرار لجعل رؤساء الجمهورية “بني صدر” آخرين.
مع هذا، فترسيم وضعية تجسيد “بني صدر” التي تعادل التهديد بالعزل أو تنبُّؤ المستقبل السياسي لرجل السياسة، يحمل من هذا المنطلق معنى، إذ إن خامنئي قبل عدة أيام سابقة على هذه الكناية، طالب ضباط الحرب الناعمة، الذين يُعَدُّون من الموالين له، بأن يكون لديهم حرية الاشتباك في أثناء مشاهدة الخلل في الأجهزة المركزية للثقافة والسياسة.
بمقارنة الوضع الحالي مع عام 1981، ستتحول حكومة روحاني إلى هدف سهل ومتاح بشكل أكبر لفتح النار. هذا النوع من الأرضية مؤشّر بنوع ما إلى المستقبل السياسي لحسن روحاني أيضًا، المستقبل الذي يرغب خامنئي في أن يحدث لروحاني، سواء في التهميش أو الاتهام وربما الإجرام. في الحقيقة خامنئي أكثر من كونه يهدد، فإنه بصدد اتخاذ أرضية بعيدة المدى ومناسبة، وهذه الأرضية تتوازى بشكل مناسب مع فكرة “الثورية”.
فكرة “الثورية” مظلَّة واسعة، من الممكن أن تجمع تيَّارًا كبيرًا من الأصوليين حولها، وتقدم مساعدة لافتة للحفاظ على الصراع السياسي الداخلي. الحفاظ على الأجواء في الوضعية الثورية والعصبية هي ترياق مناسب لتعويض ألم الفشل الانتخابي وأيضًا منع الانحلال والخسارة أكثر داخل الأصوليين.
الوضعية الثورية والعصبية ستساعد كذلك في متابعة آلية حل المشكلات في الأجواء العامَّة وعبر أدوات ضغط إعلامية وهيكل المتشددين الداعمين لخامنئي بدلًا من أن تتابع داخل البنية أو على مستوى سياسي أعلى، ولا يشعر الطرف المقابل أن القدرة السياسية ناجمة عن صندوق الاقتراع، ويتذكر أن القدرة السياسية في قبضة الوليّ الفقيه.
“حرية الاشتباك” و”لعبة بني صدر”، مضامين مناسبة ونافعة لمثل هذه الأجواء. آية الله خامنئي في العقد الماضي، قبل أن يصبح قائدًا لجمهورية إيران، كان زعيمًا حقيقيًّا لتيار في الجمهورية الإيرانيَّة، فهو ومريدوه لديهم احتياج متبادَل إلى هذه الألعاب، فأنصاره غُلِبوا بشكل سيِّئ في الانتخابات الرئاسية السابقة، وأشارت سابقة إدارة خامنئي للأزمة إلى أنه في أي وقت كان يُغلَب، يجعل الخصومة علنية وعامة، لهذا فهم فعلًا يحفزون حتى يستعيدوا مرة أخرى الروح الحماسية، وفي الطريق أيضًا شعارات وملصقات أخرى.
نطاق هذا النهج على المدى القصير، واسع، لكنه ليس بالعميق. أهَمّ نهج لخامنئي كان في الدورة الأولى لحكومة حسن روحاني، وكان قائمًا على السيطرة وإدارة رئيس الجمهورية. في أوائل حكومة روحاني الأولى صاحبها هجمات محدودة ولغة لطيفة. مع تَقدُّم المفاوضات بخاصَّة بعد النجاح في الاتِّفاق النووي وتَحسُّن الموقع السياسي والاجتماعي لروحاني، أصبحت لغة رئيس الجمهورية أكثر قوة، وازدادت المواجهات مع خامنئي. وبالطبع فإن أصوات الـ22 مليونًا في انتخابات 2017 ستجعل موقع ولغة روحاني أكثر قوة، وفي أدبيات وسلوك روحاني سيشاهد نوعًا من العصيان السياسي والميل إلى المواجهة، خامنئي يحاول أن يدخل هذه الوضعية تحت سيطرته.
هاشمي رفسنجاني نصح خامنئي بشأن أحمدي نجاد عام 2009 النصيحة التالية التي يطبقها خامنئي الآن عمليًّا مع روحاني: “كل شيء يمكن السيطرة عليه بسهولة عند البداية، لكن إذا تأخرت أصبح الأمر صعبًا”.
مادة مترجمة عن موقع إيران واير
الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعكس بالضرورة رأي المركز