في تقرير أورده موقع “تراك بيرجيا” أنه وفي تطور مثير للأحداث أصبحت المليشيات الشيعيّة في سوريا تحت قيادة حزب الله في مواجهة مباشرة مع القوات الأمريكية في منطقة التنف حين تلقى حزب الله ضربتين أمريكيتين خلال الاسبوع الماضي تعتبران دليلاً على تبني الولايات المتحدة لسياسة متشددة تجاه الحزب أو على الأقل بأنها لن تتهاون مع الإرهاب الإيراني مجدداً.
وفي تطور آخر أكدت وزارة العدل الأمريكية الخميس نبأ اعتقال مواطنين أمريكيين بداية هذا الشهر كانا يخططان لمهاجمة أهداف إسرائيلية وأمريكية في بنما ونيويورك بأوامر من حزب الله. كما التقت لجنة تابعة للكونغرس في نفس اليوم أربعة خبراء امنيين لتشديد العقوبات ضد الشبكة المالية لحزب الله مما يشير إلى العمل على اعتبار الحزب منظمة إرهابية.
» اعتقال عناصر تابعة لحزب الله أمر مثير للقلق
وفي مطلع الشهر الجاري تم اعتقال كل من علي الكوراني 32 عام من مدينة نيويورك وسامر الدبق 37 عام من متشيغان بتهم تتعلق بالتخطيط للقيام بعمليات لصالح حزب الله. وفي تصريح لوزارة العدل الأمريكية تلقى هذان العنصران تدريبهما في الحزب بما فيه استخدام الأسلحة الأوتوماتيكية والقذائفَ الصاروخية لتنفيذ عمليات إرهابية حسب أوامر تصدر عن حزب الله.
وحسب وزارة العدل قام الدبق بعدة مهمات في بنما من أجل تحديد مواقع السفارتين الأمريكية والإسرائيلية وتحديد إمكانية الهجوم على قناة بنما والسفن المارة بها بينما قام الكوراني بمسح لأهداف ممكنة في الولايات المتحدة بما فيها المواقع العسكرية والأمنية في مدينة نيويورك والتي تعتبر من أساليب حزب الله في المسح المسبق عند التخطيط للقيام بعمليات إرهابية.
وتعتبر هذه التطورات دليلاً على أن حزب الله لم يوقف تشكيل وتدريب الخلايا الإرهابية في الولايات المتحدة على الرغم من عدم استخدامها بعد وكذلك التخطيط المسبق حسب استراتيجية طويلة الأمد تم إعدادها في طهران من خلال السماح لتنظيم الدولة بجذب الانتباه في المنطقة.
كما يوجد سبب استراتيجي في عدم قيام حزب الله بأي عمليات إرهابية في الغرب خلال السنوات القليلة الماضية. فقد أرادت طهران إظهار وجه آخر أثناء المفاوضات حول الاتفاق النووي بحيث تظهر بأن عملياتها في المنطقة هي لقتال تنظيم الدولة والإرهاب بشكل عام.
وفي الواقع تقوم مليشيات إيران الشيعيّة خاصة في العراق وسوريا بتنفيذ أجندة إيران للهيمنة على المنطقة من خلال الادعاء بأنها جزء من الحرب ضد تنظيم الدولة لإظهار طهران وحزب الله والأسد والمليشيات الشيعيّة بأنها أقل خطراً من الجماعات الإسلامية.
وقد انطوت هذه الادعاءات على العديد من الدول الغربية التي دعت الى التعاون مع إيران في العراق وسوريا وحتى إشراك طهران في المحادثات الدولية حول سوريا مثل دعوتها لحضور محادثات استانة بضغط من روسيا.
ومن أجل الاستمرار في هذا النهج كان لا بد من إيقاف عمليات حزب الله ومليشيات إيران الإرهابية في الغرب وخاصة في الولايات المتحدة. فأي هجوم على المصالح الغربية كان من شأنه إعادة حزب الله إلى قائمة التهديدات المباشرة للولايات المتحدة وأوروبا.
إلا أن تخطيط حزب الله لم يتوقف لأنه يعلم بأنه بعد الانتهاء من الموصل والرقة سوف تعود المواجهة مع الولايات المتحدة من جديد وعندها يتم استئناف عملياته الإرهابية.
» حزب الله والإجرام الدولي
لقد كان لهذه الأحداث صدى في الأخبار الواردة من جلسات الكونغرس الأميركي حول الشبكة المالية لحزب الله. حيث صرح النائب الجمهوري عن ولاية كاليفورنيا ورئيس لجنة الخارجية في مجلس النواب الأمريكي اد رويس قائلاً بأن قانون حظر تمويل حزب الله عام 2014 كان بداية جيدة إلا أنه كان بحاجة إلى التطبيق والمتابعة لأن الحزب عمل على إنشاء شبكة إجرام واسعة متورطة في أعمال غير شرعية مثل تهريب المخدرات والسجائر وتبييض الأموال والتزوير وصلت إلى حد الإجرام الدولي.
ومن جهته قال ماثيو ليفيت مدير برنامج ستين للمعلومات الاستخباراتية ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى خلال جلسة الكونغرس بأنه على الولايات المتحدة استئناف العقوبات ضد طهران بسبب دعمها لحزب الله مالياً وعسكرياً. وأضاف بأنه بالإمكان إتخاذ إجراءات مشددة ضد المؤسسات الإيرانية مثل فيلق القدس التابع للحرس الثوري وطيران ماهان وعدد من المؤسسات المتورطة بدعم الإرهاب دون المساس بالإتفاق النووي.
كما أصرت اللجنة على الحاجة إلى استخدام وسائل أخرى لاستهداف مصادر حزب الله وقدرته على استغلال النظام المالي الدولي لمصلحته. واختتمت اللجنة القول على لسان رئيسها رويس الجزء الثاني من هذه التشريعات قادم.
» ماذا يعني كل هذا؟
ما زال من المبكر التنبؤ بمتى وهل ستقوم إدارة الرئيس ترامب بوضع استراتيجيتها لاحتواء إيران وعملائها أم لا. وبنفس الوقت يلاحظ وجود سياسة أكثر تشددا باتجاه إيران. فعلى الرغم من أن خطة العمل المشترك حول الاتفاق النووي ما تزال فعالة إلا أن الولايات المتحدة وحلفائها لن يضحو بمصالحهم من أجل الحفاظ على هذا الاتفاق.
فعلى سبيل المثال قامت طائرة أمريكية بإسقاط طائرة مسيرة إيرانية الصنع في سوريا كانت قد فتحت النار على قوات التحالف في منطقة التنف ومن المتوقع ازدياد هذه المواجهات حال وصول المليشيات المدعومة ايرانيا إلى الحدود. وبنفس الوقت ما يزال البحث جار حول فرض مزيد من العقوبات على حزب الله وشبكته المالية.
لقد عمل حزب الله على أخذ استراحة واوقف عملياته الإرهابية في الغرب وركز على منطقة الشرق الاوسط لأهداف تم ذكرها سابقاً. إلا أنه الحزب لم يتوقف عن التخطيط والإعداد لتلك العمليات التي من شأنها التنبيه إلى عدم قتال تنظيم الدولة وتهميش القتال ضد حزب الله والمليشيات الشيعيّة المدعومة من إيران. فتشديد العقوبات ضد الحزب والمجموعات الأخرى خطوه في الاتجاه الصحيح ولكن هل ستكون كافية لردع حزب الله في سوريا واحتواء إيران في المنطقة؟
تعمل إيران ومليشياتها على تنفيذ مخططاتها بسرعة عالية بدعم روسي بينما تأخذ عملية صناعة القرار في الطرف الآخر وقت أكبر. فمن الواضح أن حزب الله يخطط لاستهداف الولايات المتحدة التي تحتاج إلى إدراك هذه التهديدات المتنامية وتحويل استراتيجية مواجهة تنظيم الدولة في سوريا إلى استراتيجية أكثر شمولا لمواجهة الإرهاب بجميع أشكاله.
وبناءً على ما ذكر يجب عدم السماح بإشراك إيران في قتال تنظيم الدولة في معركة دير الزور لأن هدفها هو فقط السيطرة على هذه المنطقة وعدم السماح لها بالسيطرة على الموصل بعد هزيمة التنظيم. كما يجب عدم إشراك إيران بأية مفاوضات حول سوريا حتى وإن أرادت روسيا ذلك والعمل على إسقاط عميل إيران في سوريا بشار الأسد ونظامه من أجل القضاء على أي احتمالية لشرعنة الوجود الإيراني وقواته في سوريا.