هل إيران دولة قوميَّة أم إسلاميَّة؟ أم إنها توظِّف الاثنين معًا؟، هذا التساؤل وجَّهْتُه إلى صديقي الإيرانيّ سيد محمدي، فوقف دَهِشًا وقال: وماذا يعني لك ذلك؟
أجبته: أنا كمهتمّ بالشأن الإيرانيّ أجد فرقًا كبيرًا في هذه الطروحات، فالتصرفات السياسية الإيرانيَّة عادة ما تطرح نفسها في أُطُر معقَّدة، تتجاوز الصور النمطية المعتادة عن السياسات الخارجية للدول، بل إن موضوع الفلسفة أو الآيديولجيا السياسية التي تحرِّك السياسة الإيرانيَّة، أصبحت هي الأخرى جدلية رئيسية، عند الحديث عن وجه متعارَف عليه للسياسات الداخلية والخارجية الإيرانيَّة.
يمثل البعد التاريخي جزءًا أصيلًا من الثقافة والعقلية السياسية الإيرانيَّة، ففيه يجد الإيرانيّ “الفارسيّ” ثقافته وشخصيته وتاريخه الذي دفنه الإسلام، لذلك فإن تأكيد موضوع الهوية الفارسيَّة الدائم، يضعهُ في إطار واحد، هو أن “الإسلام الإيرانيّ” يختلف عن “الإسلام العربي”، لأنه ذو عمق تاريخي وحضاري، بمعنى أنه “أعطى الإسلام أكثر مِمَّا أخذ منه”، فالمتتبّع للخطاب السياسي الإيرانيّ يجد ذلك في كثير من التعبيرات والمدلولات السياسية والمجازية، ولعل لغة التفاضل والتصغير هي ما ميَّز الشخصيَّة الفارسيَّة، فطرحهم للمشروعات السياسية ذات الهوية القوميَّة، والتعامل مع العرب باستعلائية وتفاخر، كلها مضامين موجودة، بل إنها تدعم أفضلية الشخصيَّة الفارسيَّة الإيرانيَّة على غيرها، بكونها شخصيَّة منتخَبة لقيادة المنطقة، وأنها الأقدر على تحقيق هذا الهدف، وفي هذا تعظيم للذات الإيرانيَّة على سواها.
ومن جانب آخَر تتأثر التصورات الثقافية والدينية الإيرانيَّة بشكل كبير بالمعتقدات الشعبية والخرافات التاريخية، كالزرادشتية الإيرانيَّة القديمة والإسلام الشيعي الإيرانيّ، التي تقبل جميعها بالاعتقاد بالتناسخ، وهكذا. وكما أعلن الملك داريوس نفسه بوصفهِ نسخة من البطل الأسطوري فريدون “الذي أنقذ إيران من الطاغية زهاك، والشيطان أهريمان”، فقد ادّعى الخميني أنه يقود إيران نيابة عن الإمام المهدي المنتظر، فالاعتقاد الإيرانيّ يذهب بأن جميع الأحداث الحالية على الأرض، هي انعكاس للأحداث السماوية، التي تستند في جذورها إلى رؤية متوطنة في إيران، وظّفها الخميني في ترسيخ صورته كزعيم ديني وسياسي حتى ظهور المهدي، وإلى جانب الأساطير التاريخية تلعب التقاليد الزرادشتية الفارسيَّة القديمة دورًا كبيرًا في رؤية إيران الخارجية في الوقت الحاضر، فهي تصنِّف العالَم إلى مجالين، مجال خير تقوده إيران، ومجال شرّ تقوده القوى الغربية، ولعل هذه الرؤية فرضت نفسها في ما بعد على طرح الخميني نفسه، عندما طرح ثنائية “المستضعَفين والمستكبِرين”، ومِن ثَمَّ لا بد من تأكيد أن المزاوجة بين القومي والإسلاميّ في السياسة الخارجية الإيرانيَّة موجود في عديد من المواضع، كـ”الخطاب السياسي والبرنامج النووي وسياسة التوسُّع”، أي إن ما بدأته القوميَّة الفارسيَّة في ما مضى، سارت عليه الثورية الخمينية في ما بعد، ولعل التصريحات المتكررة لقادة الحرس الثوري الإيرانيّ المتضمن ضرورة احتلال والسيطرة على المنطقة، بذريعة أنها كانت جزءًا من إمبراطورية فارسيَّة غابرة، أبلغ تعبير على مدى الالتصاق الوثيق بين المشروع القومي الفارسيّ، والمشروع الثوري الإسلاميّ، إذ نجحت إيران بصورة كبيرة في توظيف الدين في خدمة مشروعها القومي التوسعي في الشرق الأوسط، وللتدليل على صحة هذه الحُجَّة، فهي تعامل القوميات غير الفارسيَّة الموجودة داخل إيران بعنصرية واستعلاء، في حين تستوعب الإخوان المسلمين وغيرهم ضمن إطار الوحدة الإسلاميَّة، كما أنها مدّت جسورًا مع جماعات ودول تختلف معها في الدين والمذهب والفكر، فعلى مستوى الدول أقامت علاقات مع دول كافرة وملحدة من وجهة نظر الخميني نفسه، كفنزويلا والصين وكوريا الشمالية، وعلى مستوى الجماعات أقامت علاقات مع تنظيمات تختلف معها اختلافًا جذريًا، بل وتكفِّرها في بعض الأحيان، كالقاعدة والشباب الصومالي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامَّة (جورج حبش) والإخوان المسلمين وغيرهم، ومِن ثَمَّ فهي توظف القوميَّة في مواضع، والإسلاميَّة في مواضع أخرى.
إن تأكيد المواجهة العقَدِيَّة الدائم مع العالَم الخارجي، مثَّلَ الوجه الأبرز للتوجُّه السياسي الإيرانيّ، بمعنى توظيف العقيدة السياسية والعسكرية الإيرانيَّة، التي تجنح دائمًا إلى السُّلْطة والسيطرة، في إطار مزيج قوميّ إسلاميّ متباين، يخدم الأهداف الإيرانيَّة العليا، فالتوظيف السياسي للخطابات الدينية الإيرانيَّة، بشِقَّيها الرسميّ وغير الرسميّ، مثَّلَ جدلية لا يمكن فهمها، ولعلّ هذا الشكل المتعمَّد في الخطابات الإيرانيَّة، يهدف إلى تأكيد عدم وجود وحدة قرارية متماسكة داخل إيران، ففي الوقت الذي يوظّف فيه المرشد الأعلى الإيرانيّ الآيات القرآنية، وتطويعها في خدمة المشروع الإقليمي الإيرانيّ، يذهب قادة الحرس الثوري أو مؤسَّسة الرئاسة أو المستشارون، إلى توظيف القوميَّة والاستحقاق التاريخي في تصريحاتهم، ومِن ثَمَّ فإن هذه الازدواجية في إدارة الملفات السياسية الإيرانيَّة، مثَّلَت أيضًا حالة معقَّدة لدى الوحدات القرارية المستهدفة في محيط إيران الإقليمي، يُضاف إلى هذا أن إيران توظِّف القوميَّة في الإطار الجغرافي البعيد، في حين يفرض متغير “الإسلام” نفسه في المحيط الجغرافي القريب، كما أننا نجد أنها توظّف القوة الناعمة ضمن سياساتها القوميَّة الفارسيَّة للتأثير والاستيعاب، في حين توظف القوة الصلبة في إطار “توجهاتها الإسلاميَّة” للتوسع والهيمنة وتصدير الأفكار، وكل ذلك يصب في اتجاه واحد، تأكيد الطابع الإيرانيّ لحركتها الخارجية، فالمنظومة العقَدِيّة لصناع القرار الإيرانيّ تبرز بصورة واضحة عند تعاملهم مع المحيط العربي، من خلال إبراز النموذج الحضاري الفارسيّ، والاستعلاء القومي، وتغليفه في إطار مشروعات إسلاميَّة وحدوية استيعابية كمشروع الشرق الأوسط الإسلاميّ، ولكن السؤال هنا: أي شرق أوسط إسلاميّ تقصده إيران هنا؟ الذي يقوده الإسلام العربي أم الإيرانيّ؟
إن المحلّل لقوة إيران، والتصورات الذهنية التي تحكم سياساتها، يلاحظ وجود موارد تسهم في إنفاذ بعض هذه التصورات، وإيران تستثمر فعلًا هذه الموارد في إنفاذ مشروعها القومي المغلف بإطار إسلاميّ، ولكن بالضرورة تواجهها عوائق، أهمها الفجوة بين تصورات الدور وإمكانات تنفيذه. نعم تتوفر لدى إيران إرادة سياسية قوية، وهي ترغب في لعب دور إقليمي وعالَمي طموح كما يكرر قادتها في المحافل الدولية، وهي ترغب أيضًا في إنشاء نظام دولي متعدد الأقطاب، تكون فيه إيران قطبًا دوليًّا محوريًّا يتحدى الهيمنة الأمريكيَّة أو هيمنة القطب الواحد، ولكن بين الرغبة والحقيقة فرقًا، ففي هذا الصدد إشكالية، فإيران لديها موارد تؤهلها للعب دور إقليمي ومحوري، ولكن بخصوص التصور والتمثلات “النظريات الحاكمة” التي تؤثر بالضرورة في نظام السياسة الخارجية للجمهورية الإيرانيَّة، يكتنفها قدر كبير من الـمبالغة، فهي تعمل على تعظيم الذات الإيرانيَّة وتضخيمها، وترسم لنفسها دورًا يفوق دورها كدولة دنيوية يقودها بشر، فهذه الشمولية في التصوُّرات تتضمن بالضرورة الفراغ، فهي تفترض أن العالَمَ فراغٌ تسعى إيران لملئه، هذه المركزية نراها في تصريحات القيادة الإيرانيَّة، وهي مركزية تفترض أن إيران هي المقر الثابت الذي يتشعب منه الفروع، تنطلق منها الأشعَّة إلى بقية العالَم، أي إنها مكتفية بذاتها، لا تستمدّ أي شيء من الغير، فعلى سبيل المثال “نظرية أم القرى”، ترمي إلى جعل قم وطهران هما أم القرى بدلًا من مكة المكرمة والمدينة المنورة، أي مركز للعالَم الإسلاميّ، وعاصمة لكل المسلمين، يكون فيها قيادة العالَم الإسلاميّ، لتتزعم الأمة بزعامة ولاية الفقيه، أو ما يصرح به الرئيس الإيرانيّ السابق أحمدي نجاد، عندما تكلم في نيويورك في سبتمبر من العام 2005، بقوله إن إيران “أمة تمتلك تاريخًا من الحضارة يرجع لآلاف السنين، ويدين لنا العالَم بكثير من القيم الأخلاقية والإنسانية، وما زلنا نمتلك القدرة الكامنة لقيادة العالَم إلى تلك القيم الطيبة، والشيء الوحيد الذي نريده لتحقيق هذا الهدف ليس فهم أنفسنا ولكن الإيمان بها”[1]. من ثم فإن جوهر العقيدة والآيديولوجية الإيرانيَّة تقوم على فكرة الهيمنة القوميَّة الفارسيَّة على منطقة الخليج العربي، باعتبارها جزءًا من المجال الحيوي الفارسيّ، وترتكز هذه الفكرة على دعم الأقلِّيَّات الشيعية في دول المنطقة وتمكينها سياسيًّا، ومِن ثَمَّ فهو مشروع كبير أثار حالة من التخوُّف لدى عديد من الدول العربية التي تنظر إليه نظرة توجُّس وعدم ثقة، باعتباره يستهدف زعزعة الاستقرار بإثارته الأقلِّيَّات الشيعية به[2].
وكانت إيران تصالحت مع ماضيها الإمبراطوري الفارسيّ أيام الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني، إذ لم يكُن علي خامنئي الذي شغل منصب رئيس الجمهورية قبل أن يصبح المرشد الأعلى، ينفي عظمة وقيمة برسيبوليس التاريخية، غير أنه يعتبرها الواجهة السوداء للسطوة القاسية لأباطرتها، وجهة نظر مخالفة لتلك التي حملها رفسنجاني، الذي يُعتبر أول زعيم ديني إيرانيّ يبادر بزيارة برسيبوليس، مؤكّدًا العمق التاريخي والاستراتيجي للإمبراطورية الفارسيَّة، داعيًا الإيرانيّين إلى الاعتزاز بهذا التاريخ والسعي لإحيائه، مِمَّا اعتُبر مبادرة من رجل دولة ذي خلفية دينية، يسعى لإنعاش مجد بلاد فارس القديمة، كشأن الشاه من قبله، وبنفس الاتجاه يضيف الرئيس الحالي حسن روحاني في إشارة صريحة إلى الإمبراطورية الساسانية، إذ يقول: “أصبحت إيران اليوم إمبراطورية كسالف عهدها عبر التاريخ، لطالما كانت بغداد عاصمتها ومركز هُوِيَّتها وحضارتها وثقافتها، وستبقى كذلك”، وعلى الرغم من إعلان السلطات الإيرانيَّة تحريف تصريحاته وإخراجها عن سياقها، فإنها لم تُكَذَّب[3].
وفي عالَم بدأ يعطي العمق الحضاري اهتمامًا كبيرًا، تحديدًا في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، التي ترافقت مع بروز طروحات فكرية جديدة كالتي طرحها المفكر الأمريكيّ صاموئيل هنتنغتون حول صدام الحضارات، وإشارته إلى أن الصراع الحضاري سينحصر مستقبلًا بين الحضارة الغربية والحضارة الكونفوشيوسية والحضارة الإسلاميَّة، رأت إيران في هذه الفكرة مدخلًا لإبراز عمقها الحضاري والتاريخي، من خلال المبادرة التي طرحها الرئيس السابق محمد خاتمي لحوار الحضارات، وقد كانت الغاية الأساسية من هذه المبادرة طرح إيرانَ نفسَها في إطار عالَمي يتجاوز الحدود الإقليمية، من خلال إبراز نموذجها الحضاري والتاريخي الممزوج بفلسفة إسلاميَّة مذهبية، وإن هذا النموذج ينبغي الاعتراف به والتعامل معه، بوصفه النموذج الحضاري والإسلاميّ القادر على التجديد والمبادرة.
ويتلازم العمق الحضاري مع المرتكز الجغرافي في رسم وصياغة سياساتها تجاه المنطقة العربية، وتستخدم القيادة الإيرانيَّة هذا المقوم في تفسير طبيعة فهمها للماضي، والاستفادة منه في تعبئة الجيل الحاضر وطنيًّا وفكريًّا، وتحديد وصياغة وجهات نظرها نحو المستقبل، وتاريخ الدولة الإيرانيَّة التي برزت قبل 12 قرنًا من ظهور الإسلام، فرضت خلاله سيطرتها على مناطق شاسعة شرقًا وغربًا، لذا أصبح العامل التاريخي للدولة الإيرانيَّة مهمًّا في رسم سياستها عبر التاريخ، وأساسًا وقاعدة منهجية في سياسة التوسع الخارجي، وقد اعتمدت إيران في ظل الأنظمة المتعاقبة وفي ظل النِّظام الراهن، على مبدأ التعامل الفوقي مع العرب، منطلقة من العامل التاريخي الذي كان لإيران فيه في عهد الإمبراطورية الفارسيَّة سلطة على بعض الدول العربية، بحكم أونها كانت إمبراطورية تتّسم بروح التوسُّع والهيمنة والسيطرة العسكرية[4].
ويكفي الدخول إلى موقع وزارة الخارجية الإيرانيَّة على الإنترنت لنلاحظ عبارات تزخر بتصوير مكانة إيران وعظمة حضارتها، ومدى تميُّز الإيرانيِّين وتفردهم على العالَم والحضارات الأخرى، وهم دائمًا يعطون ولا يأخذون، عطاءًا دائمًا بلا حدود، كأنهم شريان حياة الأمم الأخرى ومصدرها الروحي. هكذا يصوِّرون أنفسهم، وهي تَصوُّرات ترمي إلى تعظيم الذات الإيرانيَّة، ورفع شأنها ومكانتها، وهي تجد مكانة لها في أذهان الإيرانيّين، وتظهر جليَّةً في مدى اعتزاز الإيرانيّين بحضارتهم وثقافتهم، مثل: “إن النهضة الإيرانيَّة من مراكز الحضارة الإنسانية في العصور التاريخية في قارة آسيا والعالَم، وتحظى بموقع مهمّ”، و”تتبوأ إيران مكانة متميزة في الشرق الأوسط، بل في العالَم أجمع”، “وزاد من أهميتها موقعها الحضاري العريق على امتداد التاريخ”، و”هذا قيّض لإيران أن تزخر بتجربة حضارية راقية جعلتها مَعْلَمًا للتقدم إنسانيًّا وسياسيًّا وثقافيًّا على المستوى الوطني والإقليمي والدولي”، وهي تُشِيد بدورها وبقدراتها وطاقتها في مجال قطاع الصناعات الثقيلة والإنجازات العلمية والتنموية والتكنولوجيا، “الأمر الذي بوَّأ بلادَنا مكانة متقدمة سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا وسياحيًّا، وجعلها مَحَطّ أنظار دول المنطقة والعالَم، ورقمًا صعبًا في جميع المعادلات الإقليمية والدولية”، وحتى في مجال الأدب والشعر فإيران تعظّم قيمة آدابها وشعرها، فنقرأ مثلًا: “الشعر الإيرانيّ، القديم منه والحديث، قدَّم صورًا مُشرِقة وخلَّاقة”، وهو شعرٌ مميَّزٌ، فنقرأ أيضًا أن “الشعر الفارسيّ حفز الإيرانيّين على سکب إبداعاتهم الشعرية في قوالب خاصَّة انفردوا بها”، وهم يعتبرون أنهم “أغْنَوا الحضارة الإنسانية”[5].
من كل ما تَقدَّم لا بد من الإشارة إلى أن إيران تجد في ثنائية “القوميَّة الفارسيَّة-الثورية الإسلاميَّة”، طوق النجاة الذي ينقذها من مأزق الآيديولوجيا الجامدة، التي عادةً ما تصيب الحركة الخارجية للدولة بنوع من التصلُّب والجمود، نتيجة اصطدامها بالمصلحة القوميَّة للدولة نفسها أو الدول الأخرى، ومِن ثَمَّ فهي تجد هذه الثنائية كـ”ركوب جوادين في آن واحد”، جواد القوميَّة مع جهة، وجواد الإسلاميَّة مع جهة أخرى، ولعل هذا ما يفسر البراغماتية الإيرانيَّة في التعامل مع قضايا المنطقة، بل إن هذه البراغماتية لم تمنعها من التفاوض مع تنظيم داعش الإرهابي مؤخَّرًا، عندما اقتضت المصلحة القوميَّة الإيرانيَّة ذلك، أي إن الذي نودّ الوصول إليه في ختام ما تقدم، هو أن الدولانية الإيرانيَّة كانت حاضرة دائمًا في العقلية والعقيدة الإيرانيَّة، فالإمبراطوريات الأخمينية والساسانية والفارسيَّة، سخَّرَت القوميَّة لخدمة الذات الإيرانيَّة، والجمهورية الإيرانيَّة “الإسلاميَّة”، هي الأخرى سخَّرت الثورية الإسلاميَّة لخدمة الهدف نفسه، فعلى الرغم من اختلاف الطرح والتعبير والأدوات، فإن الهدف واحد، هو “إيران – الدولة الإيرانيَّة – الذات الإيرانيَّة – السُّلْطة الإيرانيَّة” أولًا.
الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعكس بالضرورة رأي المركز