إيران خلف انفجار قنبلةٍ استهدفت السفارة الإسرائيلية في نيودلهي

https://rasanah-iiis.org/?p=24254

بعد شهر من التحقيقات، توصَّلت «وكالات مكافحة الإرهاب المركزية» في الهند، إلى أنَّ فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني كان وراء انفجار القنبلة التي استهدفت السفارة الإسرائيلية في نيودلهي، في 29 يناير 2021م. وتسبَّبت عبوَّة ناسفة بدائية في وقوع انفجار خفيف خارج السفارة الإسرائيلية على طريق «الدكتور إيه بي جيه عبد الكلام»، إذ تزامن الانفجار مع الذكرى الــــــــــ 29 للعلاقات الدبلوماسية بين الهند وإسرائيل. وحسب آخر التقارير الإخبارية من نيودلهي، كشفت وكالات مكافحة الإرهاب المركزية أيضًا أنَّ خلية شيعية زرعت العبوَّة الناسفة، ووقع الانفجار على خلفية محاولات الهند لتحسين الارتباط الاقتصادي مع إيران.

وسلَّمت وزارة الداخلية الهندية التحقيق حول الانفجار لوكالة التحقيقات الوطنية، ولاحقًا انضمّ فريق من وكالة المخابرات الإسرائيلية )الموساد( للتحقيق مع كلا الوكالتين لتبادُل المعلومات. وحسب مصادر مطّلعة على التحقيق، أشار التحقيق المشترك الأوَّلي إلى تورُّط إيران، في ظلّ الأدلة الأوَّلية.

وأشارت التحقيقات الأوَّلية إلى أنَّ العبوَّة الناسفة البدائية، أُلقِيت بالقرب من السفارة الإسرائيلية من مركبة متحرِّكة. وإضافةً إلى ذلك، وجدت فرق الطب الشرعي أنَّ العبوَّة الناسفة اُستخدِم فيها زيت وقود نترات الأمونيوم، وكانت محشُوَّة بمحامل كروية كشظايا. وفحص »مختبر علوم الطب الشرعي المركزي« في الهند أيضًا بقايا الانفجار؛ لإجراء تحليل مفصَّل للموقع، وعثر فريق المختبر على أهمّ دليل يُشير إلى تورُّط إيران، وكان عبارة عن رسالة تُركِت في الموقع تنُصّ على أنَّ الانفجار كان انتقامًا لمقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ومحسن فخري زاده. وحسب التقارير الإخبارية، قالت شرطة نيودلهي إنَّ المواد المستخدمة لإنتاج العبوَّة الناسفة كان «مصدرها محلِّي» و«كشفت الرسالة التي عُثِر عليها في الموقع، عن صلة إيران بالانفجار».

وحاول الأشخاص الذين خطَّطوا للانفجار تضليل المحقِّقين، من خلال ترك علامات إلكترونية مزيَّفة عن عمد تشير إلى تورُّط «داعش». وكانت وكالات مكافحة الإرهاب متأكِّدة أنَّ انفجار العبوَّة الناسفة، كان جزءًا من حرب الحرس الثوري الإيراني غير المتكافئة مع إسرائيل. وقال مسؤول هندي في الحكومة: «لقد بُذِلت جهود بعمد لحماية الجُناة الحقيقيين وراء الحادث الإرهابي، باستخدام أعلام مزيَّفة وإنكار للهجوم، الذي من الواضح أنَّ إيران من أمرت بتنفيذه».  

وأشارت العديد من التقارير الصحافية، إلى أنَّ «خلية شرطة نيودلهي الخاصَّة» قد تعرَّفت على هُويّة اثنين من المواطنين الإيرانيين لدورهما في الانفجار، وهُما من سُكّان ذاكر نجار في نيودلهي. وعند التعرُّف على هُويَّتهما، أجابت السفارة الإيرانية بإنكار جميع التداعيات، وقالت إنَّ مثل هذه التكهُّنات ليست سوى «مؤامرة للإضرار بالعلاقات الهندية-الإيرانية».

وتحدَّث وزير الشؤون الخارجية الهندي سوبراهمانام جيشانكار مع نظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي، في أعقاب الانفجار، مؤكدًا له أنَّ وكالات التحقيق المركزية الهندية كانت تتّخذ جميع خطوات التحقيق اللازمة لملاحقة المسؤولين. إضافةً إلى ذلك، تحدَّث وزير الخارجية الهندي هارش شرينغلا مع نظيره الإسرائيلي ألون أوشبيتز، وتحدَّث مستشار الأمن القومي الهندي أجيت دوفال مع مستشار الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات. ووصف السفير الإسرائيلي في الهند رون مالكا، مرارًا وتكرارًا، الانفجار بـ «الهجوم الإرهابي»، وقال أيضًا إنَّه لم يتفاجأ بالانفجار، إذ رُفعِت مستويات التأهُّب قبل أسابيع من الانفجار، في ظلّ معلومات الاستخبارات. وردًّا على سؤال بخصوص علاقة إيران بالانفجار، قال مالكا: «هذه الأطراف الفاعلة غير الحكومية التي تسعى لزعزعة الاستقرار في المنطقة والعالم، لا يعجبها ما يحدث بين إسرائيل والهند، اللتان تسعيان إلى الاستقرار والسلام، الذي يمكن أن يُشكِّل تهديدًا لهم».

وأدَّى انفجار مشابه في عام 2012م قُرب السفارة الإسرائيلية في نيودلهي، إلى إصابة زوجة دبلوماسي إسرائيلي وآخرون كانوا مرافقين لها. وخَلُصت التقارير حول هذا الهجوم إلى أنَّه مدبَّر على يد الحرس الثوري الإيراني؛ ردًّا لمقتل عُلماء إيرانيين. ويُعَدّ الوضع الجغرافي حاليًا مختلفًا، إذ عزَّزت الهند في السنوات الأخيرة روابطها مع إسرائيل في عدَّة مجالات، من ضمنها مكافحة الإرهاب، وتبادُل المعلومات الاستخبارية، بينما لا تزال علاقات الهند مضطّربة مع إيران، لذلك لا تزال إيران قلِقة من تنامي العلاقات الهندية-الإسرائيلية. وأدَّى الانفجار الأخير إلى زيادة التوتُّرات بين إيران والهند، على خلفية المحاولات المستمرَّة لتحسين تفاعُلاتهم الثنائية. كما أنَّ الهند قلِقة من أنَّ تعزيز علاقاتها مع إسرائيل ودول الشرق الأوسط الأُخرى، قد تُفضي إلى خصومات إقليمية تمتدّ إلى أراضيها، مثل ما يحدث الآن في لبنان والعراق وأفغانستان.

المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
إدارة التحرير