أصدر المعهد الدولي للدراسات الإيرانية «رصانة» تقريره الإستراتيجي السنوي الثامن لعام -2023-2024م، بعنوان «معضلات السلام والتحوط الإستراتيجي» في 342 صفحة، وهو الإصدار المتواصل منذ ثمانية أعوام، إذ صدرت نسخته الأولى في ديسمبر 2016م. ودرج التقرير على أن يأتي موثقًا بالمعلومات والإحصاءات، ومدعمًا بالجداول والأشكال والخرائط والرسوم التوضيحية، والرصد والاستقراء والتحليل والاستشراف. ويُلاحَظ في هذا التقرير اتساع الرؤية الجديدة تبعًا لاتساع دوائر الاهتمام وقضايا التناول.
استعرض التقرير في ثلاثة محاور كبرى، التطورات في البيئة الدولية، التحوُّلات الإستراتيجية في السياسة السعودية، تطوُّرات الحالة الإيرانية.
على صعيد التطورات في البيئة الدولية، تشهد الساحة الدولية تحوُّلات إستراتيجية مؤثرة على الأصعدة كافّة، السياسية والاقتصادية والعسكرية والقضايا المرتبطة بالأمن والاستقرار والصراع الأيديولوجي والثقافي، وتبدو هذه التحوُّلات مرتبطة بصورة أساسية بتفاقُم التنافس بين القُوى الكُبرى، وطبيعة المرحلة الانتقالية، التي يمُرّ بها النظام الدولي، إذ تفاقمت المنافسة الإستراتيجية بين القُوى الكُبرى، وانتقل الصراع إلى عديد من البيئات الإقليمية. فبجانب الصراع المفتوح في أوكرانيا منذ العام 2022م، تزايدت التوتُّرات على الساحة الإفريقية، وكذلك في الشرق الأوسط، الذي أصبح يواجه حالة من عدم اليقين بعد عملية طوفان الأقصى، التي عكست مسار التهدئة، الذي قطعت فيه القُوى الإقليمية شوطًا مهمًّا، ولا تزال تأثيرات هذا التنافس ممتّدَّة إلى مناطق أخرى في آسيا الوسطى وأمريكا اللاتينية. في هذا الإطار، يمكن رصد جملة من التحوُّلات والقضايا ذات الطابع الإستراتيجي على الساحة العالمية، التي تحمل في طيّاتها تأثيرات ممتَدَّة على المستويات المنظورة والبعيدة. وبناءً على ذلك، سيركِّز هذا القسم من التقرير الإستراتيجي للعام 2023م على أهمّ هذه التحوُّلات والقضايا، وذلك من خلال تناول القضايا الآتية: اتّجاهات الصراع في أوكرانيا والتداعيات على الغرب وروسيا، التنافس الأمريكي-الصيني والـتـوازن الإستراتيجي في شــرق آسيا، تفاعلات الاقتصاد العالمي وتحولاته، القضايا الأمنية والمنافسة في المجالات غير التقليدية، صراع الأيديولوجيات وحالة الحركات الأُصولية والجماعات المتطرِّفة في العالم، التفاعلات الإستراتيجية في البيئات الإقليمية.
كما حلّل تقرير 2023-2024م، التحوُّلات الإستراتيجية في السياسة السعودية، ويُعدّ عام 2023م عامًا استثنائيًّا في مسيرة المملكة العربية السعودية على المستويات كافّة، إذ بدأت تظهر نتائج «رؤية 2030» بوضوح على الصعيدين الداخلي والخارجي. وظهر أنَّ المملكة تحقِّق قفزات مهمَّة في مسار التحديث الداخلي، الذي يُعتبَر قوّةً دافعة مهمَّة لتتبوّأ المملكة مكانتها المُستحَقَّة على الصعيدين الإقليمي والدولي. في هذا السياق، سيركِّز هذا القسم من التقرير الإستراتيجي على أهمّ التحوُّلات المؤثِّرة والمهمَّة، التي تشهدها المملكة داخليًّا وخارجيًّا، وذلك على المستويات الآتية:سياسات التحديث والحُكم الرشيد في إطار «رؤية 2030م»، السعودية.. صانع السلام ومحفِّز الاستقرار الإقليمي، تنويع الاقتصاد في مرحلة ما بعد النفط، إستراتيجية التحول الدفاعي.
وأخيرًا، فصلّ المحور الأخير تطوُّرات الحالة الإيرانية، إذشهِدَت الساحة الإيرانية خلال العام 2023م تطوُّرات مهمّة، ألقت بظلالها على القضايا الداخلية المختلفة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما اتّخذت إيران جملة من السياسات والمقاربات تجاه ساحات النفوذ العربي، كالعراق ولبنان، وواجه نفوذها في سوريا عديدًا من التحدِّيات، وفي اليمن اتّسم موقفها تجاه مبادرات السلام بعدم الوضوح. أمّا علاقات إيران بالقُوى الإقليمية والدولية، فقد شِهَدت هي الأخرى عديدًا من التطوُّرات، التي انعكست على مجمل الأوضاعالإيرانية. في هذا السياق، سيركِّز المحور الثالث من التقرير الإستراتيجي على الملفات التالية:أداء حكومة رئيسي ومواقف التيّارات السياسية قبل الانتخابات، السياسة الاقتصادية الداخلية والخارجية وانعكاساتها على الأوضاع المعيشية، مواقف القُوى الداخلية في إيران من العلاقات مع السعودية بعد اتفاق بكين، صعود أزمة الحجاب وشرعية النظام في إيران، الموقف الإيراني من مبادرة السلام الدولية في اليمن، مقاربة إيرانية جديدة لتعزيز النفوذ في العراق، تحدِّيات النفوذ الإيراني في سوريا، مقاربة إيران تجاه الأزمة اللبنانية، العلاقات الأمريكية-الإيرانية بين الانفراج والتعقيد، الضغوط الأوروبية على إيران، الاستجابات الإيرانية للتحوُّلات في آسيا الوسطى والقوقاز، علاقة إيران بباكستان بعد عمران خان، تأزُّم العلاقات بين إيران وطالبان، دوافع تحرُّك إيران تجاه دول أمريكا الجنوبية وأفريقيا.
ملخص التقرير الإستراتيجي السنوي 2023-2024