خلافات بين إيران وطالبان بسبب تنامي موطئ قدم «داعش-خرسان» في أفغانستان

https://rasanah-iiis.org/?p=32099

زعمَ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان مؤخرًا، انتقال بعض مُقاتلي داعش من سوريا وليبيا والعراق إلى أفغانستان، فيما، رفضت طالبان هذه المزاعم مؤكدةً التزامها التام بمحاربة الجماعات الإرهابية داخل حدودها. وتكشف الخلافات بين إيران وطالبان حول وجود عناصر من داعش في أفغانستان، عن مخاوف طهران الأمنية المتزايدة والمتعلقة بالحدود والقيود الأمنية التي يجب أن تفرضها طالبان من أجل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خرسان» أو ما يعرف بـــ «داعش-خرسان»، التي تعمل داخل حدودها.

وذكر المتحدث باسم طالبان في وزارة الخارجية الأفغانية عبد القهار بلخي في تغريدة له: «إذا كان لدى إيران أي معلومات استخباراتية تفيد بنقل أعضاء من داعش إلى أفغانستان، نأمل أن تشاركها حتى تتمكن قوات الأمن الأفغانية من اتخاذ الخطوات اللازمة»، وحثّ بلخي إيران على اتخاذ إجراءات بنّاءة لتعزيز أمن الحدود. ويُعد تنظيم داعش-خراسان أحد أكبر التحديات التي تواجه حركة طالبان في أفغانستان.

وقد استهدف تنظيم داعش-خرسان مرارًا الأقليات الدينية في أفغانستان، وخاصةً الهزارة من خلال مهاجمة مساجدهم ومدارسهم. وقد شُنت أعمال متطرفة مثل التفجيرات الانتحارية لزيادة نطاق الأثر المروع لهجماتها. وأفادت تقارير أنه منذ أن استولت طالبان على السلطة في أفغانستان عام 2021م، أعلن تنظيم داعش–خرسان مسؤوليته عن 13 هجومًا وكان للتنظيم ضلعًا في تنفيذ هجمات أسفرت عن مقتل وإصابة ما لا يقل عن 700 شخص. وفي العام الماضي، أعلن تنظيم داعش-خرسان مسؤوليته عن تفجيرات كابول التي أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من 120 شخصًا، معظمهم كان من قبيلة الهزارة. وأسفر تفجير انتحاري آخر في مدرسة «عبد الرحيم شهيد الثانوية» في كابول عن مقتل 6 وإصابة 20 آخرين، من بينهم طلاب. كما أسفر الهجوم العام الماضي على مسجد «سه دكان» في مزار الشريف عن مقتل 31 شخصًا على الأقل. وبحسب ما أفادت به بعض التقارير، أعلن تنظيم داعش-خرسان مسؤوليته عن قتل مسؤولي طالبان، بما في ذلك محافظ «بلخ» وأيضًا القائم بأعمال حاكم إقليم «بدخشان».

في السياق الحالي، تستند مخاوف طالبان وإيران بشأن تنظيم داعش-خرسان على عدة عوامل؛ أولًا: تنظر طالبان إلى تنظيم داعش-خرسان وجماعات العنف الأخرى على أنها تهديدٌ للأمن الداخلي، وعاملٌ معيقٌ لجهود الحركة في سبيل نيل الاعتراف الدولي والشرعية. وقد استخدم تنظيم داعش-خرسان الدعاية لتوسيع نطاق حملته ضد عُمّال الإغاثة والمنظمات الدولية. وفي خضم تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية في أفغانستان، تُدرك طالبان أهمية المساعدات الدولية من أجل تقديم المساعدة للتخفيف من وطأة الظروف المذكورة أعلاه، وبالتالي فهي لا تزال يُساورها القلق إزاءَ تهديدات تنظيم داعش-خرسان ضد عُمّال الإغاثة الإنسانية. وفي العام الماضي، هاجم تنظيم داعش السفارة الروسية في «كابول»، مما أسفر عن مقتل 6 أشخاص، بينهم موظفان روسيان، كما شنّ التنظيم هجومًا ضد السفير الباكستاني في أفغانستان «عبد الرحمن نظاماني»، وأصيب حارسه الشخصي. وقد أثارت هذه الهجمات ضد الدبلوماسيين علامات استفهام مرةً أخرى حول ما إذا كانت طالبان تقوم بما يكفي للقضاء على هذه الجماعة الإرهابية على أراضيها. ثانيًا: يُشكل وجود تنظيم داعش-خرسان خطرًا كبيرًا على الأمن الداخلي الإيراني، لا سيما فيما يتعلق بالهجوم على ضريح «شاه جراغ» في «شيراز» في عام 2022م، والذي أسفر عن مقتل 15 شخصًا. ثالثًا: أضاف تنظيم داعش-خرسان تعقيدًا آخر للعلاقات الإيرانية-الأفغانية، ويزداد هذا الأمر تعقيدًا بسبب خِشية طهران أن تكون حركة طالبان عاجزةً ولا تملك الإمكانيات الكافية لاحتواء الجماعة الإرهابية والقضاء عليها، في وقت تدعو فيه قادةُ داعش مرارًا وتكرارًا إلى شن الهجمات على إيران. رابعًا: تُشكل الظروف الاقتصادية والأمنية المتدهورة في أفغانستان تحديًا خطيرًا لإيران لأنها قد تَزيد من تدفق اللاجئين الأفغان إلى البلاد. ومؤخرًا، رَحّلت إيران أكثر من 4700 مهاجر أفغاني. ومحتمل أنُ تسفر عمليات النزوح الجماعي بسبب الأزمات الاجتماعية والاقتصادية الحادة إلى تفاقم مُعدلات الفقر في المنطقة، وبالتالي تخلق ظروفًا مواتية لتجنيد الجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش-خرسان. خامسًا: من الصعب في الوقت الحالي على إيران مواجهة التحديات الأمنية التي يفرضها تنظيم داعش-خرسان، حيث لا تتمتع طهران بنفوذٍ عسكري كبير في الأراضي الأفغانية، ولا يوجد إلا القليل من المعلومات عن الهيكل التنظيمي للتنظيم ولا عن حجم وإمدادات السلاح، وهذا يجعل من الصعب على إيران معرفة حقيقة القدرات والتهديدات التي يشكلها تنظيم داعش-خرسان.

وعلى الرغم من الخلافات والمخاوف المذكورة أعلاه، كثّفت إيران وطالبان خلال الأشهر الأخيرة جهودهما ضد داعش. حيث اعتقلت المخابرات التابعة للحرس الثوري الإيراني مُؤخرًا أشخاصًا مرتبطين بالشبكة الإعلامية والعملياتية التابعة لداعش كما نفّذت حركة طالبان غارات على مخابئ داعش بأفغانستان. وبغض النظر عن العلاقات المتوترة بين إيران وطالبان سيظل الطرفان يساورهما القلق فيما يتعلق بالأمن الداخلي، ولا سيما التحديات والمخاطر المتزايدة التي تشكّلها الجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش-خرسان.

المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
إدارة التحرير