مجموعة عمل إيران.. أهداف واضحة وخطوات متسارعة

https://rasanah-iiis.org/?p=13573

في كلمة مطوَّلة تناولت أداء النِّظام الإيرانيّ داخليًّا وخارجيًّا، أوضح براين هوك، رئيس مجموعة عمل إيران، رؤية الإدارة الأمريكيَّة الحالية للنظام الإيرانيّ وما يجب أن يكون عليه سلوكه لتَجنُّب العقوبات الأمريكيَّة، وقد ركَّز هوك في كلمته التي ألقاها في الثامن والعشرين من أغسطس في مؤتمر الأمن القومي، فشل النِّظام الإيرانيّ في تحقيق الوعود التي قطعها الخميني على نفسه قبل 39 عامًا عندما وعد الشعب الإيرانيّ بالعدالة والمساواة والرخاء، ولكنه لم ينَل إلا إهدار الحريات وانتهاك حقوق الإنسان ونهب رجال الدين ثروات الشعب الإيرانيّ، فضلًا عن توجيه الدعم المالي إلى الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط، وإثارة الاضطرابات إقليميًّا واضطهاد الأقلِّيَّات داخليًّا، وتَفشِّي البطالة وانهيار قيمة العملة الإيرانيَّة، مِمَّا نتج عنه أوضاع كارثية لم يسَعِ المجتمعَ الإيرانيَّ السكوتُ عنها، فبدأ سلسلة من الاحتجاجات منذ ديسمبر الماضي، ولا يزال حتى الآن يواصل تظاهراته.

وضوح الأهداف:
وزير الخارجية الأمريكيّ مايك بومبيو أعلن عن تشكيل مجموعة عمل إيران في السادس عشر من أغسطس الجاري برئاسة براين هوك مدير تخطيط السياسات بوزارة الخارجية الأمريكيَّة بهدف تنسيق نشاطات وزارة الخارجية الأمريكيَّة المتعلقة بإيران، والعمل على التنسيق بين الولايات المتَّحدة وحلفائها بشأن العقوبات على إيران، مع العمل على سَنّ عقوبات ضدّ الدول التي تواصل علاقاتها التجارية مع إيران بعد فرض الحزمة الكبرى من العقوبات الأمريكيَّة في نوفمبر القادم.
لقد أعلن رئيس المجموعة فور تشكيلها أنّ فريقه سوف يبذل جهدًا دوليًّا قويًّا لتغيير سلوك النِّظام الإيرانيّ، كما رفع شروط التفاوض الأمريكيّ المباشر مع إيران وقال: «إذا أظهر النِّظام الإيرانيّ التزامًا بإجراء تغييرات جوهرية في سلوكه، فإن الرئيس مستعدّ للدخول في حوار لإيجاد الحلول، لكن تخفيف العقوبات وإعادة العلاقات الدبلوماسية والتجارية الكاملة مع الولايات المتَّحدة والتعاون الاقتصادي، لا يمكن أن يبدأ إلا بعد أن نرى النِّظام الإيرانيّ جادًّا في تغيير سلوكه».

شروط على إيران تنفيذها:
في تصريحه السابق لم يحدِّد براين ما هو مطلوب من إيران لكي تُقنِع إدارة الولايات المتَّحدة بأنها جادَّة في تعديل سلوكها، لكن كلمته الأخيرة في قمة الأمن القومي اشتملت على نقاط محددة لتحقيق ذلك:
» على إيران أن تُعلن للوكالة الدولية للطاقة الذرية في بيان كاملٍ الأبعادَ العسكرية السابقة لبرنامجها النووي، وأن تتخلى عن برنامجها إلى الأبد، وأن تتيح الفرصة للتحقُّق من ذلك.
» على إيران أن توقف تخصيب اليورانيوم وأن لا تسعى أبدًا لإعادة معالجة البلوتونيوم، ووقف نشاط مفاعلات المياه الثقيلة.
» على إيران أن تسمح للوكالة الدولة للطاقة الذرية بتفتيش جميع المنشآت في جميع أنحاء إيران دون تَحفُّظ.
» على إيران وَقْف انتشار الصواريخ الباليستية ووقف إطلاق مزيد من أنظمة الصواريخ ذات القدرات النووية أو تطويرها.
» على إيران إطلاق سراح جميع المواطنين الأمريكيّين المعتقَلين فيها، بالإضافة إلى المعتقلين من الدول الحليفة للولايات المتَّحدة، إذ إن جميعهم اعتُقلوا بتهم ملفَّقة.
» على إيران وَقْف دعمها الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط بما فيها حزب الله وحماس وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.
» على إيران أن تحترم سيادة الحكومة العراقية وأن تسمح بنزع السلاح من الميليشيات الشيعية وحلِّها وإعادة إدماجها.
» على إيران سحب جميع القوات التي تخضع لقيادتها من جميع أنحاء سوريا.
» على إيران وقف دعمها طالبان وغيرها من الجماعات الإرهابية في أفغانستان وفي المنطقة، وكذلك وقف إيوائها كبار قادة «القاعدة».
» على إيران وقف الدعم الذي يقدمه فيلق القدس للإرهابيين في جميع أنحاء العالَم
» على إيران وقف السلوكيات التي تهدد بها جيرانها الذين يُعتبر معظمهم حلفاء للولايات المتَّحدة، كذلك إطلاقها للصواريخ الباليستية على المملكة العربية السعوديَّة والإمارات العربية المتَّحدة، وكذلك تهديداتها بعرقلة عمليات الشحن الدولي وشنّ الهجمات الإلكترونية.

ردّ الفعل الإيرانيّ:
اعتبرت وسائل الإعلام الإيرانيَّة ذات التوجُّه الأصولي أن تشكيل مجموعة عمل إيران جاء ردَّ فعلٍ من الولايات المتَّحدة على الخطاب الذي وجَّهه روحاني إلى الإدارة الأمريكيَّة، الذي أعرب فيه عن شعوره بالأسى لقطع جسور الحوار بين البلدين، وقد لامت وسائل الإعلام الإيرانيَّة روحاني على توجيهه مثل هذا الخطاب الذي ينمّ عن حالة من الدونية والتعامل مع العدوّ من منطلق الضعف، في حين أن الموقف الرسميّ الإيرانيّ الذي أعلنه المرشد هو رفض التفاوض مع الولايات المتَّحدة، ولو كان تفاوُضًا غير مشروط على النحو الذي سبق أن أعلنه الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، وأعرب كثير من المحللين السياسيين الإيرانيّين أنه لا معنى للتفاوض المباشر مع الولايات المتَّحدة قبل رفع العقوبات.
وعلى الرغم من عدم تصريح المسؤولين الأمريكيّين بشأن أسلوب عمل المجموعة، فإن أحد الكتاب الإيرانيّين التابعين للنظام (محمد صادق الحسيني) كتب عن أجهزة عمل اللجنة قائلًا: « إن مصدرًا لدبلوماسي أمني من إحدى الدول الأوروبيَّة العظمى أكَّد ما يلي:
أ- أن أعضاء هذه اللجنة وتفاصيل عملها ستبقى سرية، وهو أمر يدلّ على أنها ستؤدِّي مهامَّ سرية لا بمهام دبلوماسية شفافة ومُعلَنة.
ب- شُكِّلَت مجموعات عمل متعددة ستكون الذراع الميدانيَّة لهذه اللجنة، وهذه المجموعات هي:
1- مجموعة العمل العسكري، مهمتها نقل وتوصيل السلاح إلى داخل إيران.
2- مجموعة نشر الديموقراطية، مهمتها نقل الأموال إلى مجموعات تنشط في هذا المجال داخل إيران.
3- مجموعة الاقتصاد والتنمية، مهمتها مراقبة الأنشطة والعمليات المالية الإيرانيَّة.
4- مجموعة العلاقات الخاصَّة، ومهمتها إجراء دراسات عميقة لعلاقة إيران مع المنظمات في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، وأي منظَّمات «إرهابية» أُخرى.
ج- تشير مهمات مجموعات العمل التي ستديرها هذه اللجنة إلى أنها تهدف إلى:
» التحضير لإثارة موجة من الاضطرابات الداخلية، بما يشبه الثورات المخملية، في إيران على المدى القصير والمتوسط، أي خلال بقية عام 2018 والعام المقبل 2019، من خلال زيادة الضغط الاقتصادي على الدولة الإيرانيَّة وعلى المواطنين الإيرانيّين لتحريكهم ضدّ الدولة.
» استغلال فترة الاضطرابات الداخلية للتحضير لمرحلة التحرُّك العسكري ضدّ الدولة الإيرانيَّة، عبر مجموعات داخلية مرتبطة بالمشروع الأمريكيّ».

بداية مرحلة جديدة:
مع تشكيل مجموعة عمل إيران ومن خلال تصريحات رئيسها خلال الأسبوعين الماضيين، يتضح أنها تخطو خطوات متسارعة نحو دفع النِّظام الإيرانيّ إلى تغيير سلوكه عبر آليَّات الضغط الاقتصادي، ووضع اشتراطات حاسمة تَحُول دون امتلاك إيران السلاح النووي، وتفرض نمط التعاون السلمي مع دول الجوار على إيران، وعلى الرغم من تصريح بومبيو لدى الإعلان عن تشكيل المجموعة بأنها بمثابة إدارة داخل وزارة الخارجية الأمريكيَّة، فيبدو أنها سوف تمارس دورًا تنسيقيًّا عابرًا للمؤسَّسات داخل الإدارة الأمريكيَّة، فضلًا عن دور خارجي يتمثل في التنسيق مع حلفاء الولايات المتَّحدة بشأن تطبيق العقوبات على إيران وفرض عقوبات كذلك على الدول المتعاملة اقتصاديًّا مع طهران، بخاصَّة أن براين هوك سبق أن تفاوض مع الأوروبيّين للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، ولم تفلح جهوده بسبب التعنت الإيرانيّ.

المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
إدارة التحرير