مهاجمة مراجع التقليد.. عادة المقرَّبين من المرشد

https://rasanah-iiis.org/?p=14540

بواسطةإحسان مهرابي

ظهرت مهاجمة تلاميذ الخميني لمراجع التقليد كتقليد مُتَّبَع، حتى إن هذا الأمر كان موجودًا قبل الخميني، واستمرّ بقوة في عهد خامنئي، وامتدّ ليطال المراجع الذين لا يسايرون النِّظام، لا المراجع المنتقدين وحسب، وقد أسهمت رسالة محمد يزدي التي وجهها مؤخَّرًا إلى مرجع التقليد موسى شبيري زنجاني في تَصدُّر اسم هذا المرجع أحاديث الناس.
وحسب ما يرويه محمد يزدي نفسه، فقد هاجم قبل الثورة حتى ومن فوق المنبر مرجع التقليد كاظم شريعتمداري، وحسب التقارير فقد كان ليزدي دور خاصّ في الاعتداء الجسدي على أنصار هذا المرجع، وكذلك مهاجمة مكتب ومنزل حسين علي منتظري، وأحمد آذري قمي، وفرض الإقامة الجبرية عليهما، وكما يذكر محسن كديفر، فإن يزدي كتب بيانين صادرين عن جمعية مدرسي حوزة قم العلمية بخصوص «عزل» المرجعيتين شريعتمداري ويوسف صانعي.
وفضلًا عن محمد يزدي، الذي يُعَدُّ من تلاميذ الخميني اليمينيين، فإن تلاميذه اليساريين كذلك لعبوا دورًا في الهجوم على مراجع التقليد المنتقدين، حتى عندما كان الخميني منفيًّا إلى النجف اتخذ تلاميذه بعض الإجراءات ضدّ مراجع التقليد الذين لم يكونوا يواكبونه علانية.
ويذكر إبراهيم يزدي في مذكراته نقلًا عن بعض رجال الدين المقربين من الخميني في النجف، ومن بينهم محمود دعائي، أنه قال إن «مهدي كروبي وحميد روحاني وعلي أكبر محتشمي بور، كانوا من قادة الحركة المناهضة للمرجعيتين أبو القاسم خوئي ومحمد باقر الصدر».
وقد أصدر الخميني عمليًّا رخصة مهاجمة رجال الدين الذين لا يسايرونه، وطلب من الشباب أن يخلعوا العمائم من فوق رؤوسهم، وقال لهم: «لا أقول اقتلوهم، فهم ليسوا جديرين بالقتل… لا ضرورة لإبراحهم ضربًا، يكفي أن تخلعوا العمائم من فوق رؤوسهم»، وقد استند من هاجموا أبو الحسن شمس آبادي وتسببوا في قتله، إلى أقوال الخميني هذه.
بعد الثورة فُرضت الإقامة الجبرية على بعض مراجع التقليد ورجال الدين المعارضين للخميني، ومن بينهم شريعتمداري ومحمد صادق روحاني، ولم يقتصر الهجوم على المراجع «غير الثوريين» فحسب، بل ذاق بعض مراجع التقليد في عهد خامنئي طعم الإقامة الجبرية، ومن بينهم منتظري وآذري قمي، في حين أن الأخيرين كانا من تلاميذ الخميني المشهورين.
أما المرجعية يوسف صانعي، وهو تلميذ آخر من تلاميذ الخميني، فقد هاجم أنصار المرشد مكتبه، وأعلنت جمعية مدرسي حوزة قم العلمية أنه «يفتقر إلى المعايير اللازمة لتولّي المرجعية»، ومع أن شبيري زنجاني لا يعتقد بولاية الفقيه كأستاذه الخوئي، فإنه لا ينتقد النِّظام علنًا مثل مراجع التقليد ورجال الدين البارزين، وقد اشتهر خلال السنوات الأخيرة بوساطته من أجل تحرير السجناء السياسيين، وكذلك تحذيراته السريَّة لعلي خامنئي، وآخر الوساطات متعلقة بإطلاق سراح أحمد منتظري، كما تَوَسَّط سابقًا لدى خامنئي لإطلاق سراح عضو جبهة المشاركة علي شكوري راد.
كانت تربط شبيري زنجاني علاقات قوية بالمرجع حسين علي منتظري، وبعد رفع الإقامة الجبرية عن الأخير سارع إلى زيارته، وبعد موته صلَّى على جنازته، وبعد مساعٍ بذلتها الجهات الأمنية لإغلاق مكتب منتظري، أصدر شبيري زنجاني إلى ابنه أحمد منتظري رخصة خطية، وقد كتب محسن كديفر يقول إن شبيري زنجاني طلب من خامنئي خلال لقائه إياه رفع الإقامة الجبرية عن منتظري مرتين، كما وجّه إليه تحذيرات بخصوص قمع المتظاهرين في أحداث 2009.
يحتلّ شبيري زنجاني مكانة خاصَّة في الحوزة العلمية، ويسمِّيه بعض وسائل الإعلام الناشطة في مجالات الحوزة بـ«سيد فقهاء مدرسة قم»، وكما كتب أشرف فتحي، فإن محمد مؤمن، وحسن طاهري خرّم آبادي، ورضا أستادي، من رجال الدين البارزين في النِّظام، الذين كانوا في الجيل الأول من تلاميذ شبيري زنجاني، كما أن شخصيات مثل أحمد الخميني ومحمد خاتمي وعبد الله نوري، هم من بين الجيل الثاني من تلاميذه الذين شاركوا في درس بحث الخارج في الفقه الذي كان يدرّسه.
كان والد موسى شبيري زنجاني، أحمد شبيري زنجاني، مرجع تقليد أيضًا، وكان محطَّ اهتمام مؤسَّس الحوزة العلمية في قم عبد الكريم حائري، وكان إمامًا لعدة عقود في المدرسة الفيضية في قم، وكان وصيًّا تامَّ الاختيار على أعمال وأموال المرجع محمد حجت كوه كمري من مراجع قم الثلاثة[1] في أواخر سلطنة رضا شاه.
وحسب قناة «تقريرات» على تليغرام، فقد كتب أحمد زنجاني كتابًا باسم «خير الأمور» في شتاء 1925 في مدينة زنجان، خلال الأسابيع الأولى من حكومة رضا شاه البهلوي، تَحدَّث فيه عن ضرورة الاعتدال في التعامل مع التقليد والتجديد، وخلافًا للمراجع الآخرين فقد كان هذا المرجع يستمع إلى المذياع، وكان يقول: «لا دليل على حرمة جهاز الأخبار هذا، لأن الإسلام دين عالَميّ، ويجب تبليغ أحكامه إلى جميع العالَم، ولا ينسجم تحريم أداة نقل الأخبار هذه مع الإسلام كدين عالَميّ».
لا يُخفِي موسى شبيري زنجاني أن والده لم يكُن يتعامل مع رجال الدين المقرَّبين من الشاه مثل بعض رجال الدين الثوريين، ويقول إن والده زار حسن إمامي، خطيب جمعة طهران في عهد الشاه، عندما تَعرَّض لمحاولة اغتيال. وأضاف شبيري زنجاني بخصوص إمام جمعة طهران في عهد الشاه: «كان معمَّمًا، مجتهدًا في قضاء حوائج الناس، وكان وضعه ممتازًا قبل محاولة الاغتيال، لكنه بعد محاولة الاغتيال انعزل، وقلما كان يظهر، لا أذكر مرتبته العلمية الجامعية، ولكنه يهتمّ لأمر الناس».
على الرغم من أن موسى لم يكُن يتخذ موقفًا مُعلَنًا من الموضوعات السياسية، فإنه أبدى رأيه في بعض القضايا الدينية، الأمر الذي لم يستسِغْه أنصار خامنئي، ومن ضمن انتقاداته الدينية زيادة فترة الحداد المذهبي، وأن مثل هذا الإفراط يؤدِّي إلى رفض الحداد نفسه.
ما قاله الأمين العام لجمعية مدرسي حوزة قم العلمية محمد يزدي، في رسالته شديدة اللهجة إلى موسى شبيري زنجاني، وما أخبره به من أن «مقامك واحترامك رهن باحترامك للنظام الإسلامي والمرشد ومكانة المرجعية»، رأيٌ رفضه بعض رجال الدين الشيعة من قبل، وقالوا إن عمر المرجعية الشيعية أكبر من عمر الجمهورية الإسلامية بعشرات العقود، وقد يكون احترام المرجعية ورجال الدين تراجع وضعُف حتى بعد وصول رجال الدين إلى السُّلْطة.
لا يدين شبيري زنجاني للنظام بوصوله إلى هذه المكانة، فقد كسب هذه المكانة منذ سنوات طويلة، بحيث اعتبرته جمعية مدرسي حوزة قم من بين المراجع السبعة، بعد موت المرجع محمد علي أراكي، على الرّغم من الانتقادات التي وجَّهها بعض رجال الدين إلى الجمعية بسبب هذا الأمر.
يبدو من رسالة محمد يزدي أنه كتب في السابق رسائل أخرى إلى هذا المرجع، وأن انتقاداته مسبوقة بمثلها، واعتبر البعض أن سبب هذه الرسالة هو استياء يزدي، في حين اعتبر البعض الآخر أن الهدف من ورائها هو الحيلولة دون نشاط مرجع التقليد هذا، ويرى بعض المحللين أن هذه الرسالة كُتبت بضوء أخضر من خامنئي.
جاء هجوم محمد يزدي بعد بضعة أسابيع فقط من تراجع رجال الدين الشباب الداعمين لخامنئي والحرس الثوري أمام احتجاج اثنين من مراجع التقليد الداعمين لحكومة روحاني، وعزل قائد الحرس في قم وقائد لواء الإمام الصادق، وربما أراد أنصار خامنئي استعراض القوة من جديد في وجه المراجع التقليديين بعد ذلك التراجع، وتأكيد ضرورة «الحوزة الثورية».

مادة مترجمة عن موقع راديو فردا


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعكس بالضرورة رأي المعهد 

[1]
المراجع الثلاث لقب أُطلق على سيد محمد تقي خانساري، وسيد صدر الدين صدر، وسيد محمد حجت كوه كمري، بعد وفاة مؤسِّس حوزة قم العلمية عبد الكريم حائري.
إحسان مهرابي
إحسان مهرابي
صحفيّ إيرانيّ