أهمية جولة وزير الخارجية الإيراني الأخيرة في الخليج

https://rasanah-iiis.org/?p=31819

اختتم وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، مؤخرًا جولته الخليجية بعد زيارة الإمارات وقطر والكويت وعُمان، وتأتي هذه الجولة وسط تعثُر المحادثات النووية وجهود إيران المستمرة لتخفيف عزلتها الإقليمية والدولية. كما تهدف الجولة إلى تحديد سُبل التعاون مع دول الخليج وربما التواصل مع الغرب من خلال محادثات غير مباشرة لمعالجة الجمود النووي.

التقى عبد اللهيان خلال زيارته للإمارات برئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد ونظيره الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد، حيث وقعت إيران والإمارات اتفاقية لزيادة خدمات النقل الجوي وفُرص التجارة والسياحة بين البلدين. كما التقى وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته لقطر، بأمير البلاد تميم بن حمد آل ثاني، وبحث سبل زيادة التعاون الثنائي، بينما زار محافظ البنك المركزي الإيراني محمد رضا فرزين قطر في وقت سابق، لمناقشة سُبل زيادة المشاركة الاقتصادية ومعالجة العوائق أمام القضايا النقدية والمصرفية. ووقعت إيران وقطر كذلك مؤخرًا اتفاقيات ثنائية للتعاون في برنامج القوى العاملة الماهرة الذي ستقوم الدوحة من خلاله بتوظيف عمال وفنيين إيرانيين في مختلف القطاعات الاقتصادية. كما التقى وفد من كبار رجال الأعمال الإيرانيين والقطريين بطهران في مارس خلال منتدى تم تنظيمه لاستكشاف مجالات التعاون المحتملة بقطاعي الاستثمار والتصنيع. إذ عزز البلدان تعاونهما الاقتصادي في الأشهر الأخيرة، ووفقًا للتقارير، فقد نما حجم التجارة الثنائية بين قطر وإيران بنسبة 77% مقارنةً بالعام الماضي.

وخلال زيارة الكويت التقى عبد اللهيان برئيس الوزراء الكويتي أحمد نواف الأحمد الصباح ونظيره الكويتي سالم عبد الله الجابر الصباح، وأكدوا أن إيران والكويت تسعيان لتحقيق المصالح المشتركة وتعملان على توسيع علاقاتهما الثنائية.

وكان عبد اللهيان قد اقترح إقامة منتدى يضم دول الخليج العربي المطلة على الخليج لتعزيز التعاون، وكرَّر هذا الاقتراح خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء الكويتي. وتأتي الزيارة على خلفية الخلافات بين البلدين حول حقل غاز الدرة البحري، حيث أعادت الكويت دعوة إيران لبحث الحدود البحرية بعد أن قرَّرت طهران بدء الحفر في حقل الغاز المتنازع عليه. كما جدَّدت الكويت مؤخرًا التأكيد على أنها تمتلك «حقوقًا حصرية» في حقل الغاز مع المملكة العربية السعودية بعد أن اتفق البلدان على تطويره بشكل مشترك في عام 2022م. وأصدرت وزارة الخارجية الكويتية كذلك البيان التالي: «تمتلك دولة الكويت والمملكة العربية السعودية.. وحدهما الحقوق الحصرية في الثروة الطبيعية في حقل الدرة». كما رفض وزير النفط الكويتي سعد البراك «بشكل قاطع وكامل» أنشطة إيران المخطط لها في حقل الغاز.

وخلال زيارته لسلطنة عمان التقى عبد اللهيان بوزير خارجية البلاد السيد بدر البوسعيدي، ووفقًا للتقارير، وناقش كلاهما القضايا الإقليمية بما في ذلك الوضع في اليمن. كما ناقش وزراء الخارجية إمكانية التعاون الثنائي في مجالات الطاقة والعلوم والتكنولوجيا والسياحة والتجارة واتفقوا على عقد اجتماع للجنة الاقتصادية المشتركة في المستقبل. ووقَّعت إيران وسلطنة عمان كذلك اتفاقيات لزيادة التعاون الاقتصادي الثنائي في وقت سابق من شهر مايو، ووفقًا للتقارير، سعى الوفدان إلى وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية تعاون استراتيجي شامل بين البلدين. فيما، تُشير التقارير الأخيرة إلى أن حجم التجارة بين إيران وسلطنة عُمان نما بنسبة 41% مقارنةً بالعام الماضي، ونمت الصادرات الإيرانية إلى عُمان بنسبة 51% والواردات بنسبة 29%.

وقد بعثت جولة عبد اللهيان الخليجية بإشارات للمجتمع الدولي وخاصةً للولايات المتحدة، وكانت تهدف إلى تحقيق عدد من الأهداف.

أولًا: تهدف إيران إلى زيادة تعاونها الإقليمي، وتهدف التحركات الدبلوماسية الأخيرة إلى تحديد وتعزيز التعاون في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والبنية التحتية.

ثانيًا: اعتمدت إيران على دول الخليج مثل قطر وعُمان للعب دور الوسيط من أجل التواصل مع الغرب وسط تعثر المحادثات النووية، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني خلال مؤتمر صحافي مؤخرًا: إن «إيران شعرت بخطوات إيجابية في المحادثات النووية. ومع ذلك، لا يزال ذلك لا يلبي مطالب القيادة الإيرانية».

كما عقد كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي باقري كني في يونيو اجتماعًا مع منسق الاتحاد الأوروبي للمحادثات النووية إنريكي مورا في قطر لتحديد سبل إنهاء الجمود النووي، وأكد المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بيتر ستانو أن «الاجتماع بين المسؤولين الإيرانيين وممثلي الاتحاد الأوروبي في قطر جاء لمعالجة جميع القضايا التي تهم إيران».

ثالثًا: تهدف إيران إلى خلق بيئة مواتية للمشاركة مع شركائها الإقليميين من خلال التواصل مع جيرانها وتخفيف التوترات للمساعدة في التخفيف من مشاكلها الاجتماعية والاقتصادية المحلية. فيما يعتبر الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية وارتفاع معدل التضخم في إيران من التحديات الرئيسية للحكومة الإيرانية، التي لا تزال تواجه احتجاجات من قطاعات مختلفة من المجتمع.

المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
إدارة التحرير