من سيبيع إيران السلاح الذي تستطيع دفع ثمنه؟

https://rasanah-iiis.org/?p=22756

واجهت محاولة واشنطن تمديدَ حظر الأسلحة المفروض على إيران معارضةً دوليةً واسعةَ النِطاق، ويُفترَض أن بوسع طهران الآن شراء وبيع المعدَّات العسكرية، وعلى الرغم من ذلك فمن المقرَّر أن يبقى الحظر المفروض على إيران والمتعلِّق بالصواريخ حتّى 18 أكتوبر 2023م. وحاليًا تستطيع إيران الحصول على الدبّابات والمركبات القتالية المدرَّعة وأنظمة المدفعية والطائرات المقاتلة والسفن الحربية وأنظمة الدفاع الجوِّي.

في حال تمكَّنت من شراء هذه المعدَّات العسكرية من الدول المستعدَّة لبيعها لها، لكن الكم الهائل من العقوبات الأمريكية سيستمرّ في إعاقة حصول إيران على المعدَّات العسكرية الهجومية والدفاعية المتطورِّة، لا سيما من خلال العقوبات المفروضة على القطاع المالي والضغط الدبلوماسي.

قائمة مشتريات إيران العسكرية المحتملة

يحتاجُ الجيش الإيراني بشدَّة إلى تجديد معدَّاته العسكرية، فهو يعتمد إمّا على معدَّاتٍ تعود إلى عهد الشاه أو بعض أنظمة الأسلحة الروسية والنُسخ المطوَّرة الصينية محلِّيةِ الصُنع، ويوضِّح الجدول التالي المعدَّات العسكرية الصينية.

جدول رقم (1): أنظمة الأسلحة الصينية في إيران

التسمية الإيرانية التسمية الصينية
كوثر 1C701T

كوثر 3   
C701R
نورC801/802
كوثرJJ/KJ/TL-10  النسخة المطورة من FL-8
نصر JJ/TL-6 النسخة المطابقة ل FL-9/C704

المصدر: قوة إيران العسكرية، وكالة استخبارات الدفاع (DIA)

ولم يقدِّم مجمع إيران الصناعي – العسكري أسلحةً رائدة، لكنّه أثبت امتلاكه لقُدرةٍ على دمجِ الأنظمة الفرعية المستجدَّة المهرَّبة مع المنصَّات الحالية، وإجراء الهندسة العكسية لبعض الأنظمة الأخرى، ومعظمها في مجال الطائرات المسيَّرة والصواريخ. وحتّى الآن، لم تقُم طائرتها المقاتلة محلِّية الصنع «قاهر 313» برحلتها الأولى بعد، حتّى بعد مرور عقدٍ على كشف النقاب عنها، ومن بين 76 طائرةً من طراز F-14 التي تعود إلى عهد الشاه، قد تكون طهران قادرةً على الاحتفاظ بنحو عشرة طائراتٍ فقط قادرة على الطيران من خلال تفكيك طائراتٍ أُخرى واستخدام أجزائها، وحاليًا مع احتمال حصول الإمارات على الجيل الخامس من مقاتلات إف 35، فلن تكون إيران عُرضةً لاحتمال وجود مقاتلةِ شبح على حدودها فحسب، بل ستفتقر أيضًا إلى القُدرة على اكتشافها، ومن ثمَّ سوف يكون على رأس قائمة أولويات إيران شراءُ نظام الدفاع الصاروخي الروسي إس-400، الذي يخضعُ لتحديثاتٍ بشكلٍ منتظم منذ دخوله الخدمة في عام 2007؛ ونظرًا لأنّ القوّات الجوِّية الإيرانية لا تملكُ من الطائرات الجديرة سوى القليل، فهي تتطلَّع للحصول على أحدث المقاتلات الروسية من طراز سو-35 أو سو-30 إس إم ، وهي الأكثر تطوُّرًا في فئتها العسكرية من الطائرات المقاتلة من جيل 4 ++، ومن المرجَّح أن تدخُل طهران في محادثاتٍ لطلب 24 طائرةً في البداية بسبب قيود الميزانية، على الرغم من أنّ احتياجاتها أكبر بكثير من ذلك، ومن المحتمل أن تعرض روسيا على إيران شراء طائرات ميج-35 أو ميج-29 الأقلّ قُدرةً وتكلُفة.

وقد حذَّر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في 23 يونيو 2020م من أنَّ إيران ستكون قادرةً على شراء طائراتٍ مقاتلةٍ جديدة مثل «سو-30 إس إم» الروسية و«تشنغدو جيه-10» الصينية، مضيفًا أنّه «من خلال هذه الطائرات الفتّاكة للغاية يمكن أن تكون أوروبا وآسيا في مرمى إيران، ولن تسمح الولايات المتحدة بحدوث هذا أبدًا».

وبالنظر إلى أنّ الصين قد تقدِّم خيارَ شراءٍ آخر -كما أشار بومبيو- فقد تحظى «تشنغدو جيه-10» باهتمامٍ خاصٍ من إيران، وهي منصَّةٌ من تصميم وتصنيع الصين ومتاحةٌ للتصدير أيضًا؛ ونظرًا لسرعة خطّ تجميع بكين، فقد يكون التسليم في وقتٍ أسرع بكثير من تسليم الطائرات المقاتلة الروسية، وقد يكون الخيار المحتمل الآخر الذي تلجأ إيران لشرائه هو الطائرات المقاتلة من طراز «جيه إف-17 ثاندر» المتوفِّرة بمحركٍ صيني أو روسي، وبسعرٍ أقلّ وشبيهةٌ تقريبًا في الأداء لـ ميج-29.

وحتّى الآن، لا تملك القوّات البرِّية الإيرانية أيضًا الدبابات ومنصَّات المدفعية الحديثة، وتمتلك روسيا بعض الدبّابات القتالية (MBT)  المغرية إلى جانب معدَّاتٍ أُخرى للحرب البرِّية، ومع تصاعُد التوتُّرات على حدودها مع أذربيجان، ستكون دبابات تي-90 ثالثَ وسائلِ إيران الرئيسة الدفاعية، إذ تُعَدّ المنطقة السهلية الواقعة شمال غرب البلاد مناسبةً للحرب المدرَّعة.

وأخيرًا سوف تسعى إيران إلى شراء صواريخ بعيدة المدى أسرع من الصوت ومضادَّة للسفن (AShM)، وقد تمكَّن الحرس الثوري الإيراني مرَّتين من إغراق نموذجٍ حقيقي لحاملةِ طائراتٍ أمريكية خلال تدريباته في عامي 2015 و2020م؛ وقد لفت احتمال قيام الحرس الثوري الإيراني بتعزيز سلاح منع دخول المنطقة (area denial weapon) انتباهَ الولايات المتحدة منذ التسعينات.

الاقتصاد السياسي لتصدير الأسلحة إلى إيران

رفضت روسيا في عام 2017 بيع طائراتها المقاتلة من طراز «سو-35» و«سو-30 إس إم» وكذلك نظام الدفاع الصاروخي «إس-400 تريومف» لإيران، في محاولةٍ لإبقاء قناتها الدبلوماسية مفتوحةً مع الولايات المتحدة، لكن لا يبدو أنّ روسيا ما تزال تتبنَّى سياسةَ الرفض، إذ صرَّحت موسكو بوضوح أنَّها لن تمانع بيع نظام الدفاع الصاروخي إس-400 تريومف لإيران، الذي يُزعَم أنّه قادرٌ على اكتشاف الطائرات المقاتلة الشبح مثل «إف 35» أو «إف 22»؛ وفي حال كان الكرملين ينوي بيع نظام الدفاع الصاروخي إس-400 لإيران، فلن يمتنع عن بيع طائراتٍ مقاتلة لإيران مثل سو-30 إس إم أو ميج-29 أو ميج-35، وتُعَدّ روسيا مفاوضًا صعبًا، وقد لا توافق على أن تعطي دون أن تحصل على مقابلٍ مبهر، مثل إقامة قاعدة أو قاعدتين في المنطقة الشمالية الغربية لإيران.

ففي الماضي، لم تسِر المفاوضات الروسية-الإيرانية بسلاسة فيما يتعلَّق بتحديد سعر نظام الدفاع الروسي إس-300 بي، ونظرًا للعقوبات الأمريكية الصارمة إلى جانب التداعيات الاقتصادية لـ كوفيد-19، فلن تكون إيران قادرةً على إصدار أمر شراء أسلحة بأعدادٍ كبيرة دون المخاطرة بإثارة غضب الرأي العام.

كما أنَّ الصين لا تمتلك تقنياتٍ دفاعيةٍ مبتكرة ومصالح مهمَّة في إيران فحسب، بل يمكنها أيضًا تقديم قروضٍ طويلة الأجل لشراء عددٍ كبير من أنظمة الأسلحة، ابتداءً من منصَّات الطيران (نظام الإنذار المبكِّر والتحكُّم أو AWACs والطائرات المقاتلة وطائرات التدريب)، وانتهاءً بالدبابات والصواريخ المضادَّة للسفن.

وبعد عقد إيران لمفاوضاتٍ ناجحة مع روسيا أو الصين، فلن يكون الإطار الزمني لتسليم الأسلحة أقلّ من عامين أو ثلاثة أعوام، لكن قد يكون نقل بعض أنظمة الصواريخ الدفاعية أو النُسخ المطوَّرة إلى ترسانة إيران الحالية أسرع. وقد تكون دولُ أوروبا الشرقية، مثل صربيا وروسيا البيضاء، ضمن الدول المحتمل أن تتّجه لها إيران لشراء الأسلحة، لكن كلا البلدين يواجهان تحدِّيات جيوسياسية ودبلوماسية خاصّة بهما، إذ تتطلَّع بلغراد -على سبيل المثال- للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

أمّا روسيا -بصرف النظر عن التداعيات السياسية الأوسع نطاقًا- فلا تواجه عقباتٍ كبيرة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لبيع الأسلحة لإيران، إذ تخضع جميع شركات تصنيع الأسلحة الرئيسة فيها بالفعل لعقوباتٍ من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي؛ وخلال التسعينات، أسهم التعاون الأمريكي – الروسي في وقف نقل الأسلحة الروسية إلى إيران، لكن سوف يتعيَّن على موسكو في هذه الفترة النظرُ في التكاليف السياسية لقرار بيع الأسلحة لإيران من ناحية علاقاتها مع دول الخليج، خاصّةً السعودية والإمارات، حيث يربطُ موسكو تعاوُنٌ جادّ مع الرياض في المسائل المتعلِّقة بالطاقة، بينما تدرُس أبو ظبي الانضمامَ إلى برنامج الطائرات المقاتلة المتقدِّم مع موسكو.

كما تواجهُ الصين معضلةً أمام بيع الأسلحة لإيران، إذ لا تزال دول الخليج من أكبر شركائها في الاستيراد والتصدير، كما تُعَدّ سلامة الملاحة البحرية في الخليج أمرًا مهمًّا لمصالحها المتعدِّدة الأوجه؛ وعلى الرغم من أنَّ بكين تكتَّمت على إبقائها خطّ توريد الأسلحة والأنظمة الفرعية مفتوحًا أمام طهران، إلّا أنَّها لا تستطيع أن تقلب ميزان القوى، من خلال توفير أسلحةٍ هجومية من الدرجة الأولى مثل «تشنغدو جيه-10» أو حتّى «جيه إف-17 ثاندر»، لكنّها ستبيع طهران أسلحةً دفاعيةً بحتة أثناء شروعها في النقل المشروع للتكنولوجيا لها؛ ويمكن لمثل هذه الخطوة أن تحافظ على العلاقة بين البلدين دون تعريض مصالح الصين الحيوية للخطر، أمّا روسيا فمن المرجَّح أن تتّخذَ في هذا الصدد مسارًا أكثر ميلًا إلى المغامرة. 

المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
إدارة التحرير