أصدر المعهد الدولي للدراسات الإيرانية «رصانة» تقرير الحالة الإيرانية لشهر أكتوبر 2020م، مُقدِّمًا للقارئ عمومًا، وللباحث خصوصًا، وصفًا دقيقًا خلال الفترة الزمنيَّة محلّ الرصد والتحليل، بهدف تشخيص الحالة الإيرانيَّة وقياس أوضاعها وتفاعلاتها المختلفة.
ويشتمل التقرير على ثلاثة أقسام رئيسية، يهتمّ القسم الأول بالشأن الداخلي الإيراني، فيما يتناول القسم الثاني تفاعلات إيران مع العالم العربي، أمّا القسم الثالث فيرصد الحراك الإيراني على الصعيد الدولي، في إطار العلاقات الإيرانية مع الدول الكبرى.
وتناوَل التقرير على الصعيد السياسي التهديدَ المباشر الذي تواجهه إيران لأوّل مرّة منذ عام 2001م على حدودها، إثر تمركُز جماعات جهاديّة مُعادية لها على حدود أراضيها جرّاء اندلاع القتال بين كُلٍّ مِن أذربيجان وأرمينيا، إضافة إلى ما تشكله مظاهرات الأذريين الإيرانيين من تهديد داخليّ لها رغم لعب إيران دور الصديق لطرفَي النزاع.
ولم تكُن بقية ملفّات الحالة الإيرانية أقلّ دينامية من المِلفّ السياسي، فعلى المستوى الأيديولوجي يشكِّل التعاطي بين الحوزتين في النجف وقُم تهديدًا للعلاقات الإيرانية-العراقية، عندما هاجم أحد مراجع قُم آية الله الآراكي المرجع النجفي كمال الحيدري، بسبب اختلافات حول مقروئية التراث الفقهي الشيعي الاثنا عشري، في ما يتعلَّق بتكفير المُخالِف في المذهب. واقتصاديًّا، تطرق تقرير «رصانة» إلى التقرير الصادر عن مركز أبحاث البرلمان الإيراني عن ارتفاع نسبة الدَّين الحكومي مقارنةً بالناتج المحلِّي، وهي الأزمة التي تفاقمت عبر سنوات من العقوبات وعجزٍ مُتتالٍ في الموازنة الإيرانية.
وفي الشأن العربي، تناوَل التقرير مواصلة إيران مساعيها إلى استمرارية هيمنتها وميليشياتها على المشهد العراقي، فيما تبذل الدولة العراقية جهودًا حثيثة لمعالجة المشكلات الهيكلية التي تُضعِف من قوّة الدولة وتشكِّل عبئًا على بغداد في فرض سيادتها على أراضيها. أمّا في اليمن، فلم تستطِع إيران إيجاد غطاء لدعمها للميليشيات الحوثية، وزاد عليها الشهر الحاليّ الإعلان صراحةً عن مدّ الحوثيين بالسلاح وتقنيات تصنيعه، تزامنًا مع وصول أحد قادة الحرس الثوري حسن إيرلو إلى صنعاء تحت اسم «سفير».
وعلى الصعيد الدولي، استعرض التقرير الحضور الإيراني في منافسات الانتخابات الأمريكية، فيما واصل الرئيس دونالد ترامب فرض العقوبات على إيران دون هوادة، ولم يكُن لدى طهران أوراق أُخرى لِلّعب بها، بعد استنفاد خطوات سياسة التقليص التدريجي للالتزامات النوويّة الإيرانية، سوى التمسُّك بالرغبة الإيرانية في إخراج القوّات الأمريكية من المنطقة. وكان ملفّ العلاقات الروسية-الإيرانية أكثر دينامية بحُكم الصراع الأذري-الأرميني، الذي جعل روسيا بعد انتشار قوّاتها على خطوط التماسّ على جوارٍ مباشر لإيران، وهو ما لم تعايشه طهران منذ انهيار الاتحاد السوفييتي.
