تبريز لم تعُد «مدينة بلا متسوّلين»

https://rasanah-iiis.org/?p=13470

بواسطةسید هادی مهابادی

تشتهر تبريز منذ عدة سنوات بأنها مدينة بلا متسوّلين، ويعتبر هذا مدعاة لفخر مدينة «الأوائل»[1]، لكن لا أعلم هل زرتم هذه المدينة مؤخرًا أم لا، إذ لم تَعُد كما وُصفت.
«المتسولون غير الأذريين»، قد يكون هذا هو الوصف الأكثر دقة لمن يتجولون في مدينة تبريز هذه الأيام، والذين تختلف ألوان جلودهم عن سكان المدينة الأصليين، ويتحدثون بلغة ولهجة أخرى، يكفي فقط أن تجلس يومًا ما بلا عمل وتخرج إلى شوارع المدينة للتنزّه، وستُفاجأ في كلّ شارع بطفل مشرَّد أو مُعاق أو امرأة تحمل طفلها في حُضنِها أو عجوزٍ يناديك طالبًا المساعدة، منهم من يتبعك، ومنهم من يتعلق بزجاج سيارتك عند الإشارة الضوئية لتشتري منه منديلًا أو مُصحفًا صغيرًا.
إننا ننظر إلى بائعي المناديل على أنهم باعة متجولون، لكن ماذا نقول بشأن من يتسولون بالقرب من المراكز الطبية وهم يحملون وصفات طبية انقضى تاريخها؟ وسواء كنت من أهل تبريز أو ضيفًا على المدينة، فسيسدّون طريقك ويلحّون عليك بالسؤال.
في أحياء المدينة الراقية هناك نوع مختلف من التسوّل، فهم يتقدمون نحوك بلباس أنيق، ويطلبون المساعدة على أنهم سيّاح أضاعوا وثائقهم، وتجد أحدهم يزعم أنه جاء من جنوب إيران، لكنّه لا يراجع مراكز الشرطة، وفي الوقت نفسه يريد منك مالًا، ولو مررت مئة مرة من ذلك المكان لوجدته واقفًا هناك، ويكفي أن تتحدث معهم بضع كلمات لكي تلاحظ أنهم يتحدثون بلغة ولهجة غير أذرية ولا يعرفون التركية، فمن يقبع خلف ستار استيراد هؤلاء المتسوّلين إلى مدينة تخلو منهم؟!
لقد بدأ توافد المتسولين إلى تبريز بالتزامن مع إعلان شعار «تبريز 2018»، وهذا يعني أن التخطيط لهجوم المتسولين قد بدأ بالتزامن مع استعدادات المدينة لإعلان الشعار المذكور، وكان هذا الهجوم ملموسًا، إذ هاجم المتسولون المدينة من جميع الجهات، فلماذا لزمت الشرطة الصمت؟ وهل يمتلك مسؤولو المدينة الإجابة عن مجموعة من الأسئلة والاستفسارات؟ ولماذا لا تقدّم منظمة الرعاية الاجتماعية أي إحصاءات بهذا الخصوص؟ ألا يشاهد مسؤولو لجنة الإغاثة في المحافظة هؤلاء؟ أليس من المفروض أن يفكّر مجلس المدينة والبلدية بحلّ لهذه الظاهرة؟ هذه أسئلة يسعى المواطنون والنشطاء في المحافظة للحصول على إجابة لها، إلا أنه وحتى هذه اللحظة لم يُجِب أحد عن ذلك بأجوبة منطقية ومعقولة.
واليوم يصعب التمييز بين من يحاول كسب رزقه بالحلال ومن يتسوّل. لقد كانت مدينتي تُعرف باسم «مدينة بلا متسوّلين»، لكن يبدو أن هذا الحلم أخذ يتبدّد على يد المتسوّلين الذين يشوّهون المدينة.
إنّ الجدير بالاهتمام هو ما نسمعه من هنا وهناك حول احتمالية أن يكون هذا الهجوم منظّمًا بشكل مسبق، وأنّ من ورائه أهدافًا سياسية، من ضمنها زعزعة استقرار المدينة، وربما أيضًا استُهدِفت مدينتي تلك من قِبل بعض العصابات المنظمة التي تجول بعض المدن الكبرى مثل طهران، وذلك بهدف الوصول إلى سوق جديدة لكسب المال غير القانوني عن طريق التسوّل.
وحتى الآن لم يُبدِ مديرو بلدية تبريز أيّ ردّ فعل، كما لزم المحافظ الصّمت، أما الإعلام فقد نقل ما رآه.

 

 

مادة مترجمة عن صحيفة «صداي إصلاحات»


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعكس بالضرورة رأي المعهد

[1]
تُعرف تبريز بهذا الاسم بسبب السبق الذي يحققه سكان هذه المدينة في الحصول على الإمكانات الحديثة التي تدخل إيران للمرة الأولى.
سید هادی مهابادی
سید هادی مهابادی
كاتب وصحفي إيراني