سياساتُ البنك المركزي الإيراني والمعاملات الماليّة الدوليّة تقود إيران إلى الركود المزدوج

https://rasanah-iiis.org/?p=22602

بواسطةد.بنفشه كي نوش

المقدِّمة

يُرسي البنك المركزي الإيراني ويُنفِّذ السياسات النقدية والائتمانية للحفاظِ على قيمة العُملة الوطنية الرسمية للبلاد «الريال الإيراني»؛ إذ أنفق 280 مليار دولارٍ للحفاظِ على قيمة الريال، منذ بدء فرضِ العقوبات الأُممية في عام 2006م، ولاحقًا فرضت الولايات المتحدة عقوباتٍ على البنك المركزي الإيراني في سبتمبر 2019م، لتمويلِه النشاطاتِ الإرهابية للحرس الثوري الإيراني ([1])، وأظهرت توقُّعات صندوق النقد الدولي منذ العقوبات الأخيرة، أنّ الاحتياطات الأجنبية للبنك المركزي، التي تُقدَّر بنحو 130 مليار دولار في السنوات الأخيرة، انخفضت إلى حوالي 69 مليار دولار ([2])، وعلى ضوء التراجُع الحادّ في قيمة العُملة، قد تلجأ الحكومة الإيرانية إلى تحويل العُملة الرسمية للبلاد إلى العُملة السائدة في الأسواق الإيرانية والمعروفة باسم «التومان»، إلّا أنّ هذه الخطوة لا تزال رهنَ موافقةِ البرلمان الإيراني. 

كلَّفت الحكومة الإيرانية البنكَ المركزي الإيراني بالحفاظِ على ميزان مدفوعاتٍ للبلاد، والسياسات النقدية المتعلِّقة بخطَّة التنمية الخمسية، من خلال التمويل التجاري وخطاباتِ الاعتماد. اضطرَّ البنك المركزي الإيراني بسبب العقوبات إلى الشُّروع في خُططٍ لتحرير القطاع المصرفي؛ ما أدَّى إلى ظهور عددٍ كبير من البنوك الخاصّة في إيران، التي تحتاجُ إلى سيولةٍ مالية لتنظيم النظام المصرفي في البلاد؛ وإلى جانب العقوبات، واجهت عملية التحرير تحدِّياتٍ تمثَّلت في سياساتِ البنك المركزي الإيراني، التي تهدُف لدعم المعاملات التجارية، وضمانِ النمو الإجمالي للأسواق المالية والاقتصادية والتجارية في إيران.

وعلى الرغم من هذه التحدِّيات، إلّا أنّ البنك المركزي الإيراني مستمرٌّ في إصدار الأوراق النقدية والنقود المعدنية، والإشراف على البنوك الوطنية ومؤسَّسات الائتمان في إيران، وصياغة سياساتِ ومعاملاتِ الصّرف الأجنبي، وتنظيم التداوُل بالذهب والمعادن الثمينة الأُخرى، علاوةً على ذلك، بصفتِه مصرفَ الحكومة الإيرانية، يُدير البنكُ المركزي الحساباتِ المالية الحكومية، ويمنحُ القروضَ والائتمانات للمؤسَّسات الحكومية والبنوك والوكالات، ويشتري ويبيع سنداتِ المشاركة الحكومية ([3]).

أوقفت العقوباتُ الأمريكية وجائحةُ كورونا صادراتِ إيران مؤقَّتًا، وأدَّت إلى إغلاق حدودها؛ ما أجبرَ البنكَ المركزي الإيراني على التفكير في سياساتٍ جديدة، لتحقيق الاستقرار في الأسواق المالية والتجارية الإيرانية. لكنّ السياساتِ فشلت في تلبيةِ احتياجاتِ إيران النقدية، وإصلاحِ العجز الحادّ في ميزانيتها، ووقفِ التضخُّم المُفرِط في الاقتصاد؛ ونتيجةً لذلك، انكمشَ الاقتصاد الإيراني بنسبة 7.5 % إلى 11% في عام 2020م، وأدَّت العقوبات وحدَها إلى انخفاضٍ حاد ّفي عائدات النفط الإيرانية، التي انخفضت من 100 مليار دولارٍ نتيجةَ بيعِ 2.8 مليون برميل من النفط الخام يوميًّا ومشّتقاتٍ نفطية أُخرى، بعد إبرام الاتفاق النووي عام 2015م، إلى 8 مليارات دولارٍ في عام 2019م، وتُشير التقديرات إلى أنّ إجمالي الانخفاض في الإيرادات السنوية لإيران عند استئناف العقوبات الأمريكية في عام 2018م، بلغَ 50% ([4])، ناهيكَ عن قُرابة 6.5 مليون إيراني فقدوا وظائفهم جرَّاء جائحة كورونا؛ ولذلك لم يتمكَّن البنك المركزي الإيراني من سدِّ العجز الحادّ في الميزانية، وكبحِ الانكماش الاقتصادي، ما أدَّى إلى ارتفاع معدَّلات التضخُّم ([5]).

ويُعَدّ البنك المركزي الآن مُناطًا بصورةٍ أساسية بحمايةِ المستهلكين، وذلك بمعالجته لأزمة العجز الهائلة التي تعصفُ بالميزانية؛ إذ تعهَّد البنك المركزي الإيراني باتّخاذ خطواتٍ فعّالة لتنظيم أسعار صرف العُملات الأجنبية وتقلُّبات الأسواق المالية. إلّا أنّ العمليات المالية في البنك المركزي الإيراني تُعاني من ضعفِ الشفافية؛ لا سيما أنّه كان من الممكن للبنك المركزي أن يحصل على جزءٍ من رؤوس أمواله من الأسواق غير النظامية أو غير المشروعة في إيران.

وبلا شكّ، إدراجُ إيران أيضًا في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي «فاتف» – وهي منظَّمةٌ حكوميةٌ دولية تضعُ معايير دولية بهدف حماية النظام المالي الدولي من الأنشطة المالية غير القانونية – يُعيق عمليات البنك المركزي الإيراني بتقيّد المعاملات المالية الدولية مع إيران، وهذا يُشجِّع البنكَ المركزي والحكومةَ الإيرانية على اتّباعِ المزيد من الطُرُق غير المشروعة في تشغيل الأسواق المالية والتجارية. 

أوّلًا: تحدِّيات تنظيم الأسواق المالية والتجارية المتقلِّبة

يستعرضُ هذا المحور التحدِّيات التي تُواجهُ البنك المركزي الإيراني لتنظيم الأسواق المالية والتجارية، بالإضافة إلى الخيارات المُتاحة للبنك المركزي لتنظيم الأسواق في الأشهُر المقبلة:

1-لائحة مجموعة العمل المالي «فاتف/ FATF»

يرتبط مستقبل الاقتصاد الإيراني بقُدرته على الالتزام بشروط الاتفاق النووي، والامتثال للقوانين التنظيمية لمجموعة العمل المالي «فاتف»؛ التي تختصُّ بمكافحة غسيل الأموال وتربُّح الأسواق السوداء دوليًا وتمويل الإرهاب في إيران.

استعرضت شبكةُ مكافحة الجرائم المالية التي تُعرَف اختصارًا بـ FinCEN، وهي مكتبٌ تابعٌ لوزارة الخزانة الأمريكية، في 2018م، الأساليبَ التي استخدمتها الحكومة الإيرانية للوصول إلى الأنظمة المالية الدولية. وحذَّرت الشبكةُ من أنّ إيران ومن خلال البنك المركزي الإيراني، استخدمت وسائلَ غير مشروعة لاستغلال الأنظمة المالية، بما في ذلك غسيل الأموال وصفقات السمسرة، وغيرها من الطُرق غير المشروعة، وينطوي إخفاء المعاملات غير المشروعة من خلال البنك المركزي الإيراني على استخدامِ شركاتِ صرافة، وشركاتٍ تجارية محلِّية في بلدٍ ثالث، وتشغيل شبكاتِ المشتريات التي تستخدمُ شركاتٍ كواجهة، والانخراط في شُحناتٍ غير مشروعة، واستخدام المعادن الثمينة والعُملة الافتراضية للتهرُّب من العقوبات. ساعدت بعض هذه الأنشطة في تمويل الحرس الثوري الإيراني، لذلك فرضت الولايات المتحدة عقوباتٍ على المحافظ السابق للبنك المركزي الإيراني ولي الله سيف([6]).

صرَّحت وزارةُ الخزانة الأمريكية أنّ البنكَ المركزي الإيراني يُواصل استخدامَ العديد من الشركات التجارية؛ لإخفاء التحويلات المالية للمُشتريات العسكرية الإيرانية؛ ونظرًا لأنّ عائدات تصدير النفط الإيراني تُودَعُ عادةً في البنك المركزي، ويحتفظُ البنكُ بحساباتٍ خارجية، فقد تطلَّبت مراقبةُ التدفُّقات النقدية للبنك المركزي الإيراني تدقيقًا عالميًا لمكافحة جرائمِه المالية ([7]).

في فبراير 2020م، وفقًا لمجموعة العمل المالي، ستبقى إيران على لائحة «فاتف»، فيما يخُصّ الدول عالية المخاطر الخاضعة لمتابعة الهيئات القضائية؛ لعدم تطبيقِها اتفاقيةَ «باليرمو» واتفاقيةَ «قمع تمويل الإرهاب». حتّى الآن، وافقَ البرلمان الإيراني على اثنين فقط من مشاريع القوانين الأربعة التي طلبتها مجموعةُ العمل المالي، أحدهما يتعلَّق بانضمام إيران إلى «اتفاقية الأُمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظَّمة عبرَ الوطنية»، والآخر يتعلَّق بتعديل قانون مكافحة تمويل الإرهاب الإيراني.

 إنّ تصنيفَ مجموعة العمل المالي إيران على القائمة السوداء للدول «عالية المخاطر»، يعني استبعادها من الأنظمة المصرفية المالية الدولية، والأنظمة الأُخرى اللازمة لتسهيل الاستثمارات الأجنبية المنخفضة المخاطر. وفي ظلّ هذه الظروف، رفضَ شُركاء إيرانَ التجاريين الرئيسيين، مثل تركيا والهند والصين وروسيا، عرضَ فُرصٍ استثمارية كبيرة على طهران؛ ونتيجةً لذلك، حذَّر الخبراء من أنّ إدراجَ إيران على القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي (فاتف) بالإضافة إلى العقوبات الأمريكية، قد يُسرِّع في انهيارِ الاقتصاد الإيراني([8]).

على الرغم من أّن إيران تدّعي أنّها قامت بتنفيذ قانونٍ محلِّي لمكافحة غسيل الأموال المطلوب من مجموعة العمل المالي، إلّا أنّ الدولةَ ذاتها متورِّطةٌ في عملياتِ غسيلِ أموالٍ دولية، وعلى الرغم من أنّ الإجراء الذي اتّخذتهُ مجموعة العمل المالي لا يرقى إلى معاقبة إيران، إلّا أنّه يُمكِّن مجموعةَ العمل المالي من حثِّ جميعِ السُلطات القضائية على تطبيق تدابيرَ مضادّة وفعّالة، بما يتماشى مع توصياتِ مجموعة العمل المالي؛ لتقييد وصولِ إيران إلى الأسواق المالية والبنوك الدولية([9]).

ويمنعُ ما سَبَق ذِكرُه إيرانَ من الامتثالِ لجميع لوائح مجموعة العمل المالي، على الرغم من بقائها على اتّصالٍ مع المجموعة لمعالجة أوجُه القُصور في امتثالها لشروط المجموعة. بالإضافة إلى ذلك، تواصلُ إيران تمويلَ الميليشيات المسلَّحة، مثل حزب الله؛ وقد وضعت مجموعة العمل المالي (فاتف) إيرانَ على قائمتها السوداء لتمويل الإرهاب، بعد فترةٍ من إزاحتِها عن القائمة السوداء عقِب الاتفاق النووي في عام 2016م([10]). وجاءت هذه الخطوة بعد بضعةِ أشهُرٍ من قيامِ البنك المركزي الإيراني بتقديم طلبٍ إلى البرلمان الإيراني، للموافقةِ على مشاريع القوانين اللازمة للانضمامِ إلى (فاتف)، والتي جاءت أيضًا ردًّا على إشارات الشريكيْن التجارييْن الرئيسيين لإيران، الصين وروسيا؛ مفادُها أنّ عدمَ امتثالِ إيران للوائحِ مجموعةِ العمل المالي (فاتف) سيُؤدِّي إلى عواقبَ تجارية وخيمة([11]).

رفضَ محافظُ البنك المركزي الإيراني الجديد عبد الناصر هماتي، إضافةَ البنكِ المركزي على القائمةِ السوداء لمجموعةِ العمل المالي، وقال إنّها لن تُؤثِّر على سوق الصرف الأجنبي الإيراني؛ نظرًا إلى أنّ 90% من معاملاتها التجارية تتمّ من خلال قنواتٍ مالية غير خاضعةٍ للعقوبات، والتي أنشأتها البلاد لتمكين التجارة الخارجية([12]). في حين أنّ مجموعةَ العمل المالي لا تستطيعُ فرضَ عقوباتٍ على إيران أو الدول الأُخرى، فإنّ لوائحها التي تتجاوز عقوباتُها الحدودَ الإقليمية وتستهدفُ التجارة مع إيران والتدابير العقابية الجماعية من قِبل الدول الأعضاء بما في ذلك الولايات المتحدة والقوى الأوروبية، يُمكن أن تمنعَ الاستثمارات في إيران مستقبلًا([13]).

2-تقلُّبات أسعار صرف العُملات الأجنبية وانخفاض قيمة العُملة المحلِّية ومخالفات التجارة الخارجية

يُصرُّ البنكُ المركزي الإيراني على أنّه يستطيع السيطرة على التقلُّبات السريعة، التي أحاقت بأسعارِ صرف العُملات الأجنبية، لا سيما بعدما وصل سعر صرف الدولار الواحد إلى 19 ألف تومان، وذلك بعد صُدور قرارٍ من الوكالة الدولية للطاقة الذرية دعا إلى تفتيشِ المواقع النووية الإيرانية المشبوهة في يوليو 2020م([14])؛ ولقد تقلَّب سعرُ صرف الدولار الأمريكي في الأسواق الإيرانية في الشهرين التاليين، ليصل إلى ما يقرُب من 30 ألف تومان مقابل الدولار في الأسواق المفتوحة، وهو ارتفاعٌ حادّ مقارنةً بأسعار الصرف الحكومية الخاصة الممنوحة للمُصدِّرين: 4200 تومان مقابل الدولار الأمريكي، وتعهَّد البنك المركزي الإيراني بحلول أكتوبر بإعادة حوالي 19 مليار دولارٍ من عُملته الأجنبية المُحتفَظ بها في دولةٍ ثالثة؛ للسيطرة على التقلُّبات المستمرَّة في العُملة([15])، ويستخدم البنك المركزي الإيراني كذلك مكاتب الصرافة التابعة له لضخّ العُملات في الأسواق الإيرانية؛ وبحسب بعض التقديرات، سمحَت الحكومة الإيرانية بارتفاع أسعار العُملات الأجنبية لتجنِّي الأموال من تحويلات العُملات من خلال السوق السوداء، الأمر الذي تسبَّب في ارتفاعٍ مُصطنَع في أسعار البورصة الإيرانية، وزيادة المخالفات التجارية الخارجية([16]).

من الواضح أنّ الارتفاعات المفاجئة نتجت عن قرارِ الحكومة بضخّ السيولة في البورصة المحلِّية، من خلال مجموعةٍ من السياسات القانونية وغير المشروعة؛ ما أدَّى إلى زيادةِ السيولة وارتفاع معدَّلات التضخُّم، بسبب ارتفاع الطلب على العُملات الأجنبية والعملة المحلِّية؛ وتُبرِّر الحكومة الإيرانية سياساتها، وتقول إنّها ضرورية لسدّ العجز الحادّ في الميزانية الناجِم عن العقوبات وجائحة كورونا([17]).

وفي الوقت نفسه، طالب البنك المركزي الإيراني المُصدِّرين الإيرانيين بإعادة تدوير العُملات الأجنبية الممنوحة لهم بأسعارِ تحويلٍ منخفضة، وإعادة ضخّها في الاقتصاد الإيراني. كما دعا البنك المركزي الإيراني جميعَ الكيانات التي استفادت من تقلُّبات السوق السريعة الأخيرة في إيران، إلى إعادة استثمار أرباحها في البورصة المحلِّية لتعزيز قيمتها؛ ويُشدِّد البنك المركزي على أنّ سوق الأسهم في إيران يحتاجُ إلى مستثمرين صغار وكبار لإنقاذِ الاقتصاد الإيراني، ولضمان التدفُّقات النقدية في الأسواق المحلِّية أثناء العقوبات([18]).

لكنّ المُصدِّرين الإيرانيين يرفضون إعادة عُملات التصدير الممنوحة لهم بأسعارٍ تفضيلية، بمجرَّد تحقيق أرباحٍ على الصادرات([19]). ووفقًا للبنك المركزي، فإنّ جائحة كورونا هي السبب الرئيسي في عدم عودة العُملة إلى إيران من قِبل المُصدِّرين؛ ومع ذلك، فإنّ الارتفاعَ المفاجئ في أسعار العُملات الأجنبية قد شجَّع المُصدِّرين للاحتفاظ بأرباح هذه العُملات، وعندما يحصُل المُصدِّرون على أسعار عُملاتٍ أجنبية منخفضة لتصدير البضائع، فإنّهم إما يحتفظون بأرباحهم في حساباتٍ بنكيةٍ أجنبية، أو يبيعون الأرباح بأسعارِ عُملاتٍ أعلى في الأسواق السوداء المحلِّية([20]).

ونتيجةً لهذه الممارسة المتفشِّية، لم تتمكَّن إيران من إعادة حوالي 20 مليار دولارٍ من عُملة التصدير إلى البنك المركزي الإيراني([21])؛ وقبل بدء العقوبات الأخيرة، مُنِح المُصدِّرون الإيرانيون 30 يومًا لإعادة العُملات الأجنبية إلى إيران، بعد الحصول على أرباحِ التصدير، من أجل التمتُّع بالإعفاءات الضريبية. بينما أدَّت صعوباتُ تحويل الأرباح إلى إيران بسبب العقوبات إلى زيادةِ المدَّة إلى أربعة أشهُر؛ ومع ذلك، استعادت إيران 10 مليارات دولارٍ فقط من أصل 40 مليار دولار، وهو المجموعُ الكلِّي لصادرات البلاد غير النفطية، ولم تستعِد الأموال المتبقِّية، سواءٌ على شكل وارداتِ منتجات أو نقدًا([22]).

3-الإفراط في السيولة وعجز الميزانية

اقترضت الحكومة الإيرانية أموالًا من البنك المركزي الإيراني لتعويض العجز الحادّ في ميزانيتها، ولقد أجبرَ الاقتراضُ البنكَ المركزي على فرضِ لوائح جديدة للسوق، من أجل توليد الأموال، لكن دون دعمٍ اقتصادي ٍكافٍ؛ ومن خلال تحريك الأموال تمكَّن البنكُ المركزي والحكومة الإيرانية من ضخّ السيولة النقدية في الدوائر المالية لإيران، الأمر الذي تسبَّب في ارتفاع معدَّلات التضخُّم دون خلق نموٍ اقتصادي. ووفقًا لمعظم التقديرات كان نمو السيولة الإيرانية أعلى بنسبة 12% في الأشهُر الخمسة الأولى من السنة التقويمية الإيرانية الحالية التي تبدأ في مارس 2020م، مقارنةً بالفترة نفسها في السنوات الخمسِ الماضية([23]).

بعد ذلك، شهد سوق الأسهم المحلِّية بعض النمو، على الرغم من الأداء الضعيف لسوق الأسهم في وقتٍ سابق من هذا العام. فيما حذَّر الخبراء من أنّ أسعار البورصة الإيرانية ربما تُمثِّل أرقامًا وهمية، وأنّه بدون تدخُّل الحكومة سينهار السوق([24])؛ وما هو واضح، هو أنّ توفير السيولة ضروريٌ للتصدِّي للعقوبات، ولقد برَّر البنك المركزي الإيراني هذه السياسة بالقول إنّها ستُمكّن الأموالَ من التدفُّق عبرَ الأسواق المنظَّمة في إيران، بدلاً من الأنشطة الاقتصادية غير المنظَّمة، لكنّ سيكولوجية السوق في إيران لا تثِق في حُجَّة البنك المركزي الإيراني؛ وفي حين أنّ معدَّلات التضخُّم الرسمية التي قدَّمها البنك المركزي الإيراني كانت أقلّ من 18%، فإن معدَّلات التضخُّم غير الرسمية أعلى بكثير، وهي عند 43%، وهذا على الرغم من التوقُّعات السابقة للبنك المركزي الإيراني للحدّ الأقصى لمعدَّل تضخُّمٍ لن يتجاوز 22%([25]).

من المتوقَّع أن يرتفع معدَّل التضخُّم في إيران أكثر بعد الانهيار الأخير لخُطط الحكومة للكشف عن حزمةِ الانفتاحِ الاقتصادي الجديدة عن طريق البيع المُسبق للنفط في سوق الأسهم، وهي خطوةٌ من شأنها زيادة القروض الحكومية من البنوك، وإجبار البنك المركزي على تمويل هذه القروض. وفي عام 2019م أعلن البنك المركزي الإيراني أنّ الحكومة واجهت عجزًا غير مسبوق في الميزانية بنحو 10.73 مليار دولار([26])، مع انخفاض عائدات النفط والضرائب، وأظهرت أرقام البنك المركزي الإيراني أنّ 71% فقط من الدخل الضريبي المتوقَّع قد تحقَّق بالفعل؛ مما يجعل من الصعب على البنك المركزي الإيراني ادّخار أيّ عائداتٍ نفطية مستحقَّة([27]).

ثانيًا: الخيارات لتنظيم الأسواق المالية والتجارية

1-إدارة المديونية

تسعى إيران لاستعادة أُصولها الموجودة في الدول الأجنبية لتحسين إدارة ديونها، إذ تبلُغ أُصول إيران في الخارج ما يقرُب من 85 مليار دولار، منذ استئناف العقوبات الأمريكية في عام 2018م، و 10% فقط من تلك الأُصول في متناول طهران، وفقًا لتقرير الكونجرس الأمريكي المنشور في عام 2020م([28])، وكان البنك المركزي الإيراني مؤخَّرًا يتفاوضُ مع غرفة التجارة في كوريا الجنوبية بشأنِ إعادةِ حوالي 6.5 – 9 مليارات دولار من الأموال المستحقَّة لإيران([29]). كما اتّخذ البنك المركزي الإيراني في خطوةٍ منفصلة إجراءاتٍ قانونية لمنع واشنطن من الاستيلاء على أُصولها في البورصة الألمانية، وقِيَم جدوى القناة السويسرية المالية الخاصّة لتسهيل التجارة مع إيران في الإنسانية([30])؛ ومع ذلك، منع البنك المركزي الألماني سحبَ إيران مبلغ 400 مليون دولار نقدًا من البنك الإيراني – الأوروبي المملوك جزئيًا لإيران([31]).

ولزيادة سقفِ احتياطاته من النقد الأجنبي، يُشارك البنك المركزي الإيراني في تهريب الأموال غير المشروعة والذهب وغيرها من المدفوعات النقدية أو العينية القيّمة إلى إيران من دولٍ أُخرى، بما في ذلك من أفغانستان؛ وفي عام 2019م كشفَ رئيس البنك المركزي الأفغاني المنتهية ولايتُه خليل صديق، عن تحويل عشرات الآلاف من الدولارات إلى إيران بشكلٍ يومي جوًا وبرًا([32])؛ وفي عام 2020م حصلت إيران على سبائك ذهب بقيمة 500 مليون دولار تقريبًا من فنزويلا، نقلتها شركة الطيران الإيرانية «ماهان إير» الخاضعة للعقوبات([33])، وفرضت الولايات المتحدة ضغوطًا على دولٍ أُخرى مِثل باكستان وأرمينيا وقطر وتركيا لوقف تحويل الأموال أو الذهب إلى إيران، وحاولت أرمينيا مقاومةَ الضغوطات الأمريكية لقطع العلاقات بين البنوك الخاصة الأرمينية وإيران، إلّا أنّها فشلت([34]). كما أُدين مواطنٌ باكستاني، وهو عضوٌ في منظَّمةٍ تُعرَف باسم «النبض الإسلامي» في محكمةٍ أمريكية، بنقل أموالٍ يتمّ تحصيلها تحت عباءة ما يُسمَّى بــــــ«الخُمس» إلى إيران([35]).

منذ أن أغلقت الإمارات العربية المتحدة القنواتِ البنكية وتحويل الأموال مع إيران في عام 2018م، كانت طهران تأملُ في استخدام قطر وتركيا لأغراض تحويل النقد والذهب؛ وفتحت البنوك الإيرانية، بما في ذلك «بارسيان وميلي»، حساباتٍ لدى «بنك قطر الوطني»([36]). لكن في عام 2020م، صدرت لائحة اتهامٍ أمريكية ضدّ البنك التركي المملوك للدولة «هالك بنك»، وكذلك فرضت الولايات المتحدة عقوباتٍ على شركتين مقرّهما الإمارات العربية المتحدة، وهذا بدوره أدَّى لكبح عمليات غسيل الأموال والخطط المتعلِّقة بعمليات نقل الذهب مع إيران عبر دولةٍ ثالثة، وتضمَّنت هذه المُخطَّطات في السابق شركاتٍ إيرانية مسجَّلة في الإمارات، قبل أن تتّخذَ الولايات المتحدة إجراءاتٍ لإغلاق تلك الشركات. كما يسعى البنك المركزي الإيراني أيضًا لنقل الأموال النقدية، من خلال البنوك أو الشركات الأُخرى المسجَّلة في الشرق الأوسط والصين وكندا وآسيا الوسطى([37]).

وفي سعيهِ لمعالجة أزمة المديونية؛ مدَّد البنك المركزي الإيراني قانونًا قد وافق عليه البرلمان الإيراني العام الماضي لتمكين المنتجين المحلِّيين من سداد القروض الحكومية، ويشجِّع القانون حوالي 9000 مدينٍ محلِّي لسداد الأموال للبنك المركزي الإيراني([38])؛ وأجرى البنك المركزي في يونيو 2020م مزادًا لبيع 588 مليون دولار من سندات المرابحة الحكومية على منصَّة التداوُل بين البنوك الإيرانية، حيث تعهَّد البنك ببيع المزيد من السندات بقيمة 8.8 مليار دولار، ويهدف الإجراء إلى جمع 6.4 مليار دولار عبر سوق الدين([39]). ولقد أصدر البنك المركزي الإيراني أيضًا على مدار الصيف «سنداتٍ إذنية»؛ لمنع المزيد من الانخفاض في قيمة العُملة الإيرانية، ولتعزيز ثقة أصحاب الحسابات لإيداع الأموال في البنوك المحلية؛ وفي المقابل، تبقى الأموال في البنوك، ولا يمكن سحبُها حتّى نهاية فترةٍ معيَّنة؛ ومع ذلك، يمكن أن تتمّ عمليات السحب – مع دفع البنك المركزي لمبلغٍ إضافي لأصحاب الحسابات – في حالة انخفاض قيمة العُملة، وفقًا لمعدَّل التضخُّم([40]).

2-تطوير الخُطط النقدية لتشجيع التجارة

تهدُف الخُطط النقدية والمصرفية للبنك المركزي الإيراني إلى التهرُّب من العقوبات، وهي تشمل إنشاء نظام مقايضة مع وزارة الصناعة وإدارة الجمارك؛ لتسهيل التجارة في وقتٍ تكون فيه جميع القنوات النقدية الأجنبية الرئيسية تقريبًا مُغلَقةً أمام إيران. بالإضافة إلى ذلك، كثَّفَ البنكُ المركزي الإيراني جهوده لبناء آلياتٍ مالية مع الجيران والدول الصديقة، ويُجري محادثاتٍ مع شُركاء تجاريين ودولٍ إقليمية وغيرِ إقليمية لإيجاد طُرُقٍ لتجاوز القيود الحالية ([41])، ولقد أُعيد فتح حوالي 80% من حدود إيران، و75% من الأسواق الحدودية، منذ تفشِّي جائحة كورونا، لإجراء المعاملات النقدية والتجارة العابرة للحدود ([42]).

تتضمَّن الخُطط النقدية الأُخرى للبنك المركزي الإيراني، إدارةَ تقلبُّات سوق العُملات الأجنبية، من خلال نظامٍ محلِّي لمعاملات «فوركس»، الذي يُعرَف باسم سوق «نيما»؛ والذي يعمل كمنصَّةٍ للمُصدِّرين لبيع أرباحِ العُملات بأسعارٍ أقلّ من أسعارِ السوقِ المفتوحة، وتهدف المنصَّة إلى تحسين التجارة في الصادرات غير النفطية، وإرجاع عائداتِ الصادرات إلى الدورة الاقتصادية لإيران([43]).

وصرَّح البنك المركزي الإيراني أنّ سوقَ «نيما» يجبُ أن يُصبِح المحورَ المركزي لأسواق الأوراق المالية في إيران، ولذلك اتّخذَ البنكُ تدابير لتعزيز التداوُل فيه. يُعَدّ «بازاراس» أحدَ أذرُع هذه الإجراءات، والتي تضُخّ المعاملات في «نيما»؛ لمنع التربُّح وتوفير العُملات الأجنبية ذات الطلب المرتفع للعُملاء، ويقوم البنك المركزي الإيراني أيضًا بتوسيع شبكة مكاتب الصرافة المرخصَّة من الحكومة في جميع أنحاء إيران، وذلك لدعم شفافية المعاملات في «نيما»؛ وفي سبتمبر 2020م تجاوز التداوُل بسوق «نيما» المليون يورو، بعد ضخّ المُصدِّرين للسيولة النقدية من العُملات الأجنبية في السوق، وارتفع التداوُل مؤخَّرًا في «نيما» إلى قُرابة 100 مليون دولار شهريًّا ([44]).

الآن يُلبِّي كُلٌّ من البنك المركزي الإيراني وسوقُ «نيما» احتياجاتِ إيران من العُملة الصعبة([45])، وتهدُف التدابير المذكورة أعلاه إلى ضمانِ تلبيةِ مطالِب الإمدادات الطبِّية الإيرانية خلال العقوبات وخلال تفشِّي وباء كورونا، وتمكين وصول المصانع المحلِّية إلى المواد الخام لتعزيز إنتاج الإمدادات الطبِّية الضرورية، ومن أجل تحقيق هذه الغاية خصَّص البنكُ المركزي الإيراني 15 مليار دولار  لضمان سير الواردات لهذا العام([46])، كما خصَّص مبلغ 30.31 مليار دولارٍ إضافي للمساعدة في زيادة رأس المال للشركات المصنِّعة والتجارية لعام 2018-2019م([47]). بالإضافة إلى ذلك، قام البنكٌ المركزي الإيراني بزيادة أسعار الفائدة المصرفية، على الرغم من أنّ الأسعار انخفضت قبل ثلاثة أشهٌر بسبب تعليمات الحكومة([48])، ومكَّن  هذا الإجراء البنكَ المركزي لمساعدة سوق الأوراق المالية، في زيادة نمو سوق الأسهم للقطاع الصناعي بنسبة 1.5% إلى 2.7% في يوليو الماضي([49]).

تمّت إعادة تفعيل آلية دعم التبادُل التجاري – المعروفة اختصارًا بـــ «إينستكس» – التي تهدُف للحفاظ على خطَّة العمل الشاملة المشتركة أمام إستراتيجية الضغوط القُصوى التي شنّتها الولاياتُ المتحدة على إيران في عام 2020م، وتهدُف آلية «إينستكس» إلى الحفاظ على العلاقات الاقتصادية مع إيران، مع الامتثال لنظام العقوبات الأمريكية؛ وذلك بتخصيص الآلية لغرض إرسال المساعدات الإنسانية إلى إيران، والتوسُّع التدريجي للتجارة مع البلاد في قطاعي النفط والسِلع الاستهلاكية، وسيحمي «التشريع المانع» التابع للاتحاد الأوروبي والساري منذ عام 1996م بعضَ شركات الاتحاد الأوروبي من العقوبات الأمريكية. ومع ذلك، فإنّ الامتثال الأوروبي للعقوبات الأمريكية يسمحُ فقط بالتفعيل التدريجي للآلية في أبريل 2019م؛ وأنشأت إيران بدورها قناةً مالية تُسمى «أداة التجارة والتمويل الخاصّة: STFI»، لتسهيل المعاملات المصرفية والمالية مع «إينستكس» في مارس 2020م، وأنجزت أوَّل عمليةٍ لها بقيمة 540.000 دولارٍ تقريبًا، عن طريق إرسال الإمدادات الطبِّية إلى إيران([50])، وستُؤدِّي العقوبات الأمريكية الأخيرة المفروضة على البنوك الإيرانية في أكتوبر 2020م، إلى قيام البنك المركزي الإيراني بالبحث عن قنواتٍ ماليةٍ بديلة لتلبيةِ الاحتياجات الطبِّية لإيران، وسيستمرُّ تلقِّي البعض منها عبرَ قنوات «إينستكس» المالية الإنسانية المُعفاة من العقوبات ([51]).

3-إيجاد السيولة واحتواء معدَّلات التضخُّم المرتفعة

عزَّز البنكُ المركزي الإيراني سياساتِه لضخِّ السيولةِ في الأسواقِ الإيرانية، من خلال إعادةِ تنظيمِ سوق البورصة في أواخر الصيف، وتضمَّنت الإجراءاتُ ضخَّ السيولةِ في الدورة الاقتصادية في البلاد، وإعادةَ أجزاءٍ من أرباح أسهم مكاتب سمسرة الأوراق إلى البورصة الإيرانية؛ ولقد أصدرَ البنكُ المركزي الإيراني أيضًا سنداتٍ حكومية ذات حوافزَ ربحٍ متفاوتة، وتمّ بيعُها للمشترين في مزاداتٍ منتصف الصيف، وساعد أيضًا الإفراطُ في عرضِ السندات الحكومية المُودَعة في ثلاثة بنوك رئيسية – ملت وتيجارات وصادرات – على ضمان تدفُّق السيولة([52])؛ ونتيجةً لذلك، لم تُقدِّم البنوكُ الإيرانية أيّ مطالبَ إضافية للحصول على السندات الحكومية في سبتمبر. ما يعني أنّ مستويات السيولة الحالية كانت كافيةً لتلبيةِ احتياجاتِ السوق. وبخلافِ ذلك، قد يُؤدِّي بيعُ السندات إلى تقليلِ الاحتياطات النقدية للبنك المركزي الإيراني، وزيادةِ معدلات الإقراضِ بين البنوك ([53]).

 تهدُف السنداتُ الإذنية للبنك المركزي الإيراني التي صدرت هذا العام، إلى الحفاظِ على القوّةِ الشرائية للمستهلكين، على الرغم من ارتفاع معدَّل التضخُّم بنسبة 17.8%، وفقًا للأرقام الرسمية([54]). بالإضافة إلى ذلك، فقد أطلق البنكُ المركزي الإيراني «عمليات السوق المفتوحة: OMO»، لتمكينه من شراء وبيع الأوراق المالية في السوق المفتوحة، للتوسيع أو التعاقُد على المعروض النقدي، والسيطرة على التضخُّم، وإلغاء معدَّلات الإقراض بين البنوك؛ ونتيجةً لذلك، تمكَّن البنكُ المركزي الإيراني من التحكُّم في مستويات السيولة بنسبة 12%؛ لمنع ما يُسمَّى بانفجارِ السيولة، من خلال تشكيل لجنةٍ داخلية لإدارةِ مستوياتِ السيولة، ومعالجةِ المخاوف المتعلِّقة بالتضخُّم المُفرِط([55]).

الخاتمة

يواجهُ البنكُ المركزي الإيراني تحدِّيًا كبيرًا من التداعيات المُحتمَلةِ لسياساته، التي تستهدفُ مواجهةَ الكارثة المالية المُرتقبة، لا سيما مع تفشِّي المُخالفات في الأسواق وتغلغُل الفساد في الأنظمة المصرفية الرجعية في البلاد، بالإضافة إلى الضُغوطات من جانبِ الوكالة الدولية للطاقة الذرِّية ومجموعةِ العمل المالي على الحكومةِ الإيرانية للامتثال لمطالبهم؛ مما زادَ من حالةِ عدمِ الاستقرارِ المالي في إيران. ناهيك عن استمرارِ إيران في تخصيبِ اليورانيوم، متجاوزةً السقفَ المنصوص عليه في الاتفاق النووي، وتمويلها المستمرّ للعمليات الإرهابية خارجَ حدودِها، فمِن غيرِ المرجَّح أن تتعافى الأسواقُ المالية في المستقبلِ القريب.

لم يبقَ للبنك المركزي الإيراني إلا بضعُ خياراتٍ لتحسينِ أداءِ الأسواق المالية في البلاد، لكنّهُ سيستمرُّ في تعزيزِ أُصولِه محلِّيًا، وجذبِ الاستثمارات من الشُركاء الدوليين المهتمين؛ ولكن يبقى أن نرى إلى أيّ مدى يُمكن لإيران أن تصمُد أمامَ العقوبات الأمريكية، لا سيما أنّ العجزَ الفعلي للميزانية الإيرانية لا يزال غير واضح، ومِن المتوقَّع أن ينمو الاقتصادُ الإيراني بنسبة 1.7% فقط بدون عائداتِ النفط، ومع بعضِ العائدات النفطية قد ينمو بنسبةِ 3.5% هذا العام. لكن هذه التوقُّعات الرسمية لا تعكسُ الواقعَ على الأرض. تردَّد البنكُ المركزي في الإفصاحِ عن معدَّلات التضخُّم الحقيقية؛ لتجنُّبِ بثِّ الذُعر في الأسواق المالية، لكن تُشير أسعارُ السِلع الأساسية في إيران إلى أنّ معدَّل التضخُّم لا يُمكن السيطرةُ عليه([56]).


([1]) “U.S. Sanctions Iran’s Central Bank, National Development Fund, and Etemad Tejarat Pars,” U.S. State Department, September 20, 2019, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/2Il2M2O.

([2]) “Iran Central Bank Spent Nearly $1 Billion Recent Days to Support Falling Currency,” Radio Farda, July 26, 2020, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/3nDeLJ8.

([3]) See Central Bank of Iran website, https://www.cbi.ir/default_en.aspx.

([4]) “Jahangiri: Iran Oil Revenue Has Dropped from $100 Billion to $8 Billion,” BBC Farsi, July 13, 2020, accessed October 12, 2020 https://bbc.in/3dr4viA.

([5]) “Iran Central Bank Has Declared ‘Inflation Goal’ For First Time in Its History,” BBC Farsi, May 26, 2020, accessed October 12, 2020, https://bbc.in/33OIkzn.

([6]) Daren Allen, Peter Feldman, Nimrah Najeeb, Jason Silverman, Michael Zolandz, “FinCEN Warns Banks on Iran’s Illicit Financial Activities and ‘Red Flags’ to Consider,”  JDSUPRA, October 29, 2018, accessed October 12, 2020,  https://bit.ly/3dgh6oE.

([7]) Brian Monroe, “Fincrime Briefing: U.S. Sanctions Iran’s Central Bank, Dutch Banks Team Up on Money Laundering, TRACCC Tackles TBML, and More,”  Association of Certified Financial Crime Specialist (ACFCS, September 23, 2019, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/33RXqo6

([8]) Ahmad Rafat, “Iran Barred from International Financial System After Blacklisting by FATF,” Kayhan Life,  February 25, 2020, accessed October 12, 2020,  https://bit.ly/3nIeeWs.

([9]) “High-Risk Jurisdictions Subject to a Call for Action – 21 February 2020,” FATF, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/3jVI9Ik.

([10]) John Irish, Leigh Thomas, “Global Watchdog Places Iran on Terrorism Financing Blacklist,” Reuters, February 21, 2020, accessed October 12, 2020, https://reut.rs/2GXZjpY

([11]) “Central Bank of Iran Makes Case for Joining FATF,” Financial Tribune, December 25, 2019, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/3lCgn4a.

([12]) “FATF Decision Not to Affect Iran’s Foreign Exchange Market: CBI Chief,” Tasnim News Agency, February 18, 2020, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/33NsmWi

([13])  “FATF Decision Not to Affect Iran’s Foreign Exchange Market: CBI Chief,” Tasnim News Agency, February 18, 2020, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/33NsmWi

([14]) “Increase in Rate of Currency and Coin; Central Bank Head Said Currency Rate Could be ‘Controlled’ in Iran,” BBC Farsi, July 20, 2020, accessed October 12, 2020, https://bbc.in/2FkEBjK.

([15]) “Price of Dollar Reached 22,800 Tomans,” Mehr News Agency, September 10, 2020, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/2Fl1wvk; “Currency Appreciation Stopped in Tehran Market,” Financial Tribune, October 7, 2020, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/34IFCLe.

([16]) “Iran Market; Continuing Increase in Currency Rates and Drop in Bourse,” BBC Farsi, May 17, 2020, accessed October 12, 2020, https://bbc.in/3jRTzNl.

([17]) “Iran Market; Continuing Increase in Currency Rates and Drop in Bourse,” BBC Farsi, May 17, 2020, accessed October 12, 2020, https://bbc.in/3jRTzNl.

([18]) “Crisis in Tehran Bourse; Handling Taken Place in Bourse Market,” Gooya News, September 5, 2020, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/2SOilSE.

[19]([19]) “Currencies that Have Not Returned; Head of Central Bank of Iran Summons Exporters, He Says,” BBC Farsi, July 6, 2020, accessed October 12, 2020,  https://bbc.in/33NETsM.

([20])  “Currencies that Have Not Returned; Head of Central Bank of Iran Summons Exporters, He Says,” BBC Farsi, July 6, 2020, accessed October 12, 2020, https://bbc.in/33NETsM

([21]) “Increase in Currency Price; About $20 Billion of Export Currency Did Not Return to Iran,” BBC Farsi, July 5, 2020, accessed October 12, 2020, https://bbc.in/3nFMzVT.

([22]) “Increase in Currency Price; About $20 Billion of Export Currency Did Not Return to Iran,” BBC Farsi, July 5, 2020, accessed October 12, 2020, https://bbc.in/3nFMzVT.

([23]) Arash Hasannia, “Explosion or Control; Liquidity Growth in Five Months of This Year Break Record of the last decade,” BBC Farsi, August 22, 2020, accessed October 12, 2020, https://bbc.in/36TqkWI.

([24]) “Iran Market; Continuing Increase in Currency Rates and Drop in Bourse,” BBC Farsi, May 17, 2020, https://bbc.in/3jRTzNl.

([25]) “Iran Central Bank is Issuing Promissory Notes to ‘Reduce Liquidity’,” BBC Farsi, July 15, 2020, https://bbc.in/33Oh2Jt; “Iran Central Bank Has Declared ‘Inflation Goal’ For First Time in Its History,” BBC Farsi, May 26, 2020, https://bbc.in/33OIkzn.

([26]) “Plan for ‘Economic Opening’ Cancelled; Government Will Not Pre-Sell Oil,” BBC Farsi, September 13, 2020, accessed October 12, 2020, https://bbc.in/2SNaYe8.

([27]) Dalga Khatinoglu, “Iran’s Central Bank Announced Unprecedented Budget Deficit,” Radio Farda, February 11, 2019, October 12, 2020, https://bit.ly/3nJe40M.

([28]) “Iran Sanctions,” Congressional Research Service, 52, July 23, 2020, accessed October 12, 2020,  https://bit.ly/3jQRwZZ.

([29]) “As Currency Rates Increase, Rouhani Asked Central Bank to Introduce “Currency Violators,’” BBC Farsi, July 21, 2020, accessed October 12, 2020,  https://bbc.in/3jQxheF.

([30]) “Legal Action to Avoid U.S. Seizure of CBI Assets at Deutsche Boerse,” Financial Tribune, August 30, 2020, https://bit.ly/3dvlq3D; “CBI to Decide Feasibility of Swiss Payment Channel,” Financial Tribune, March 9, 2020, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/2SNb6u8.

([31]) “Iran Sanctions,” Congressional Research Service, July 23, 2020, 43, https://bit.ly/3jQRwZZ

([32]) “Central Bank Confirms Money Smuggling to Iran,” TOLO News, June 19, 2020, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/3jRG93T.

([33]) Patricia Laya and Ben Bartenstein, “Iran is Hauling Gold Bars Out of Venezuela’s Almost-Empty Vaults,” Bloomberg, April 30, 2020, accessed October 12, 2020, https://bloom.bg/2GG1r6k.

([34]) Ani Mejlumyan, “U.S. Sanctions on Iran Hit Armenia,” Eurasianet, September 26, 2019, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/3dnFAMD.

([35]) “Two U.S. Citizens, One Pakistani National Charged with Moving U.S. Currency to Iran,” The United States Department of Justice, August 19, 2020, https://bit.ly/33O2nOw.

([36]) Tuqa Khalid and Andrew Torchia, “In Dubai, U.S. Sanctions Pressure Historic Business Ties With Iran,” Reuters, November 19, 2018, https://reut.rs/34NmRGn; Harut Sassounian, “U.S. Indicts Turkish Halkbank for Illegal Transfer of Billions of Dollars to Iran,” The Armenian Weekly, April 5, 2020, https://bit.ly/2FkHHEo; Saeed Ghasseminejad and Varsha Koduvayur, “Analysis: Qatar Will Pay A Price for Its Financial Links With Iran,” Foundation for Defense of Democracies, July 2, 2018, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/3iPOcNa.

([37]) “Major Turkish Bank Prosecuted in Unprecedented Iran Sanctions Evasion Case,” Iran Watch, March 31, 2020, https://bit.ly/36UXBkg; Amanda Macias, “U.S. Imposes Sanctions on Two U.A.E.-Based Companies for Aiding Iran’s Biggest Airline,” CNBC, August 19, 2020, accessed October 12, 2020,  https://cnb.cx/2IdAyH0.

([38]) “Law Extends to Facilitate Debts Held by Producers,” Mehr News Agency, September 8, 2020, accessed October 12, 2020,  https://bit.ly/2GPrWWH.

([39]) “Central Bank of Iran: First Bond Auction June 2,” Eghtesad Online, May 30, 2020, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/3iS7aD1.

([40]) “Iran Central Bank is Issuing Promissory Notes to ‘Reduce Liquidity’,” BBC Farsi, July 15, 2020 accessed October 12, 2020, https://bbc.in/33Oh2Jt.

([41]) “Iran’s CB Looking for Ways to Evade Sanctions,” Financial Tribune, September 12, 2020, https://bit.ly/34LR8W5; “Iran’s CB Looking for Ways to Evade Sanctions,” Eghtesad Online, May 4, 2019, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/3djtoMR

([42]) “Increase in Currency Price; About $20 Billion of Export Currency Did Not Return to Iran,” BBC Farsi, July 5, 2020, https://bbc.in/3nFMzVT; “Increase in Real Estate Prices; Inflation Rates in September in Iran Reached Almost 43 Percent,” BBC Farsi, September 22, 2020, accessed October 12, 2020, https://bbc.in/3jRYbTF.

([43]) Iran’s CB Looking for Ways to Evade Sanctions,” Eghtesad Online, May 4, 2019, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/3djtoMR.

([44]) “Provision of Foreign Currency Demands, Continues Powerfully/Volume of Daily Official Market for Bills Between USD $5-8 Million Daily,” CBI, September 17, 2020 , accessed October 12, 2020, https://bit.ly/2FlKBJ3.

([45]) “U.S. Efforts to Destabilize Monetary and Currency Markets Nothing New,” Mehr News Agency, August 8, 2020, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/2Iew7f6.

([46]) “Deepening Gradually NIMA Portal Transactions/Provision of USD $15 Billion for Imports,” Mehr News Agency, September 3, 2020, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/2Ip7NHL.

([47])  “Iran’s CB Looking for Ways to Evade Sanctions,” Eghtesad Online, May 4, 2019, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/3djtoMR.

([48]) “Iran Central Bank is Issuing Promissory Notes to ‘Reduce Liquidity,’” BBC Farsi, July 15, 2020 accessed October 12, 2020, https://bbc.in/33Oh2Jt.

([49]) “2.8 Percent Growth of Bourse Index in July,” Mehr News Agency, September 7, 2020, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/3lEWXvA.

([50]) “Iran Sanctions,” Congressional Research Service, July 23, 2020, 44, https://bit.ly/3jQRwZZ.

([51]) “Hemmati Reaction to New Sanctions on Iranian Banks,” Fararu, October 8, 2020, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/33UFxVL.

([52]) “Temporary Increase in Inflation in Early Months of Year Under Control,” Mehr News Agency, August 28, 2020,  https://bit.ly/310dsKK; “Important News by Minister of Economy to Shareholders,” Fararu, Mehr 17, 1399, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/3nGHuN9.

([53]) “Liquidity Sufficient in Inter-Bank Market Last Week,” Mehr News AgencyAugust 28, 2020, https://bit.ly/36XtoB8; “Thousand Billion Rials of Government Bonds for Purchase,” Mehr News Agency, August 26, 2020, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/2In0yzV.

([54]) “Iran Central Bank is Issuing Promissory Notes to ‘Reduce Liquidity’,” BBC Farsi, July 15, 2020, https://bbc.in/33Oh2Jt; “Iran Central Bank Has Declared ‘Inflation Goal’ For First Time in Its History,” BBC Farsi, May 26, 2020, accessed October 12, 2020,  https://bbc.in/33OIkzn.

([55])  “Iran’s CB Looking for Ways to Evade Sanctions,” Eghtesad Online, May 4, 2019, accessed October 12, 2020, https://bit.ly/3djtoMR.

([56]) “Iran’s Economic Growth in Spring; With Oil 3.5 Percent-Without Oil 1.7 Percent,” BBC Farsi, September 1, 2020, accessed October 12, 2020,  https://bbc.in/30Z98v5.

د.بنفشه كي نوش
د.بنفشه كي نوش
خبيرة في الشؤون الإيرانية والشؤون الخارجية