الفساد وانهيار النظام

https://rasanah-iiis.org/?p=18566

بواسطةنصر الله لشني

أشار باحثون إلى عدة عوامل في أثناء دراستهم لأسباب انهيار الأنظمة غير الديمقراطية، وهي عبارة عن:
1- أزمة الشرعية.
2- أزمة الفاعلية.
3- أزمة التضامن بين أفراد الطبقة الحاكمة.
4- أزمة السلطة والسيطرة.

عندما يعاني النظام السياسي من هذه الأزمات ترتفع احتماليات انهياره، ويصبح هذا الانهيار أمرًا لا مفرَّ منه عندما تجتمع هذه الأزمات مع عوامل خارجية، من بينها استياء عامّة الناس.
إنّ الفساد على نطاق واسع يؤدي إلى ظهور هذه الأزمات، وبالتالي إلى انهيار النظام الحاكم، لكن كيف يؤدي الفساد إلى كلّ هذه الأزمات الداخلية والمسببات الخارجية، ومنها الاحتجاجات الشعبية، التي بدورها تؤدي إلى انهيار النظام؟ وكيف أصبح هذا الفساد في الوقت الحاضر أحدث تهديد لنظام «الجمهورية الإسلامية»؟

الجمهورية الإسلامية نظام خرج من رحم ثورة مذهبية وشعبية أدّت في نهاية المطاف إلى سيطرة المؤسسة الدينية الشيعية وتأسيس نظام دينيّ، وهذه الظاهرة نتيجة أهداف ومُثُل تبلورت وتجلّت بقراءة معاصرة للدين في شعارات ثورة 79، وهي شعارات كانت محورًا لجميع الحركات الشعبية، وأهداف جميع الحركات الاجتماعية والثورية في إيران منذ الثورة الدستورية (1906م).

الاستقلال، والحرية، والعدالة، والتنمية، هي من المبادئ والقيم التي من أجل تحقيقها صوّت الناس لنظام الجمهورية الإسلامية، ومنحوه بناءً على ذلك الشرعية والشعبية.
استقرّت الجمهورية الإسلامية كنظام سياسيّ مسيطِر في إيران حتى تنفّذ الوعود التي قدمها الثوريون والقيادة للناس على شكل مبادئ، من قبيل إقامة العدل الاجتماعي، وتوفير المعيشة للناس، والقضاء على الفقر والتهميش، وإيجاد بيئة لجميع الفئات والطبقات تقوم على كرامة الإنسان، ومحاربة الأرستقراطية، وإيجاد وترويج بساطة العيش بين المسؤولين، وتقليص على الفوارق الطبقية، والقضاء على الفساد، وإيجاد نظام سويّ وشفاف، وإيجاد الفرصة لانتقاد الناس للحكام والمسؤولين تحت عنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقرار الحريات السياسية والمدنية، وغيرها. وهذه وعود وردت في فصول متعدّدة من الدستور، ويعتبر إهمالها أو عدم تنفيذها انتهاكًا للدستور، لكنّ الفساد في إيران لم يسمح حتى اللحظة بتحقيق هذه الأهداف والوعود، وفي المقابل أدى عدم تحقيق هذه الوعود إلى تعميق وانتشار الفساد.

الفساد في إيران ظاهرة متجذّرة تضرب بجذورها في التاريخ، وقد حدثت حركات متعدّدة منذ عهد القاجاريين (1779-1925) على الأقل حتى الآن لمكافحة هذه الظاهرة، ولكنها للأسف لم تُكلَّل بالنجاح، وقد كان يرى قائمقام فراهاني، وأمير كبير، ومحمد مصدق، وغيرهم، أن الفساد من العوامل الأساسية وراء مشكلات الإيرانيين، وهبّوا لمكافحته. وإذا كانوا قد حققوا نجاحات جزئية ومؤقتة في عصرهم، فإنهم لم يحققوا نجاحًا نهائيًّا وأساسيًّا.

استمرّ هذا الفساد التاريخي في الجمهورية الإسلامية، وخلال الأيام الأولى بعد انتصار الثورة، ظهر الفساد على شكل شبكات جديدة، ولكنّه لم يجد الفرصة المناسبة للانتشار والتعمّق بسبب الظروف الخاصة التي تلت الثورة، وكذلك الحرب مع العراق، ولكن بعد الحرب، وبدخول القوّات العسكرية المجال الاقتصادي، انتشرت شبكات الفساد الجديدة بسرعة وقوة، وضربت بجذورها، واليوم لم يعُد يخفى على أحد، سواء من الشعب أو المسؤولين، أن الفساد قد وصل إلى نخاع النظام السياسي والاقتصادي، وبدأ يأكل أسس النظام من الدّاخل.

تقوم شبكات الفساد في إيران على العَلاقات الشخصية، وقد تغلغلت في جميع أركان النظام، واستغلّت القدرة السياسية وإمكانات النظام لتحقيق المصالح الشخصية على حساب المصالح القومية. لقد تمأسَسَ الفسادُ في إيران، وأصبح متغلغلًا في جميع أركان النظام ومؤسساته، بما فيها الحكومة والبرلمان والسلطة القضائية وهيئة التفتيش والمصارف وشركات التأمين والشركات والمصانع الحكومية والخاصة وما إلى ذلك، وبناءً على هذا التغلغل والقدرة التي حصلت عليها هذه الشبكات فهي تعمل على نشر مفاسدها، وتعميق الفساد في الدولة.

ساقت شبكات الفساد، بما لديها من أساليب تشبه أساليب المافيا، الاقتصادَ والوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي إلى حافة الانهيار، وما نتج عن نشاطات هذه الشبكات المنظمة هو ركود، ونموّ اقتصاديّ بالسالب، ونموّ في معدل البطالة، وتضخّم، وغلاء، وتوقّف الوحدات الصناعية والإنتاجية عن العمل، وإفلاس الشركات الاقتصادية واحدة تلو الأخرى، وتعطيل المدن الصناعية، وسقوطٌ الأُسَر الإيرانية المستمرّ إلى ما تحت خط الفقر، واضمحلال وزوال الطبقة الوسطى، وغير ذلك.

بعد أربعين عامًا من انتصار الثورة واستقرار نظام الجمهورية الإسلامية، ما زال الاقتصاد مرتبطًا بالخارج، وربما بشكل أقوى، فأساسه يقوم على بيع النفط، واستيراد كل ما يمكن استهلاكه، وشبكات الفساد بدورها تحول بمختلف الخدع والحيل دون الإنتاج الوطني وإمكانية الجمع بين النفط والاقتصاد الداخلي من خلال التربّح الذي تتمتع به من بيع النفط واستيراد السّلع. إنها لا تسمح بنمو البرجوازية الوطنية وتحوّل الاقتصاد الإيراني إلى اقتصاد صناعيّ، وتعتبر هذه الجماعات صاحبة التأثير أنّ كسب المصالح غير المشروعة والتمتّع بثروات بيت المال بشكل أكبر هو نتيجة لآليّات الاحتكار، لذا نجدها لا تسمح بظهور أي منافس حقيقيّ لها في المجالات السياسية والاقتصادية، ومن هنا نجد أنه من غير المسموح ظهور ونموّ الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والجماعات على الصعيد السياسي والمدني، كما تعارض هذه الجماعات نموّ القطاع الخاص في الاقتصاد، وقد أفسدت عملية الخصخصة لتحقيق مصالحها، ولا تسمح بنهوض تلك الجماعات النزيهة التي يمكن أن توجد في اقتصاد سويّ وشفاف، ويتعامل بعضها مع بعض لتحقيق المصالح المشتركة، وتسيطر على أطماعها ومصالحها لصالح المجتمع، إذ نجد أن جماعات من قبيل النقابات العمالية ومنظمات أرباب العمل ليس مسموحًا لها بالظهور والنموّ.

العُمّال والمعلِّمون والأطبّاء والطلّاب والفنّانون والمتقاعدون والموظَّفون والعاطلون وغيرهم، لا يحق لأي منهم انتقاد هذه الشبكات والظروف التي تسببت بها، ولا يمكنهم المطالبة بحقوقهم، وإذا قاموا بأي احتجاج نراهم يُعتقلون من قِبَل عملاء هذه الشبكات داخل المؤسسات الأمنية والسلطة القضائية والمؤسسات المعنية الأخرى، ويُحاكَمون بتهم من قَبيل نشر الأكاذيب، والدعاية ضد النظام، والتجمّع والتواطؤ ضد الأمن القومي، وزعزعة النظام العام، وغيرها من التُّهم، ويُرسلَون بعدها إلى السُّجون. في الحقيقة تعتبر الأجهزة الأمنية والقضائية أداة فرض إرادة جماعات الفساد، وقمع الناس والنشطاء السياسيين والمدنيين والاقتصاديين.

تشكّلت شبكات الفساد بعد انتصار الثورة مباشرة، وتكاثرت ونمت في ظل تحوُّل الاقتصاد إلى اقتصاد حكوميّ قبيح الهيكل، وفي ظروفِ ما سمَّوه بعد الحرب بمرحلة البناء، ومن خلال ما حققت من نفوذ في السلطة استغلّت أيّما استغلال مزيجَ الاقتصاد الحكومي والعقوبات، فضلًا عن المنافع التي كانت تحققها من التربّح، متسببةً في تدمير الاقتصاد. وتُعتبر عمليات الاختلاس بآلاف المليارات، واختفاء منصات النفط، واستغلال الموارد المصرفية، وقوائم المدينين للبنوك، والرواتب الفلكية، والاستيلاء على أراضي الدولة الذي لا حدود له، ومنح العقارات باهظة الثمن، وتدمير الغابات والمصادر الطبيعية البرِّية والبحْرية، وتخريب البيئة، وتصدير الثروات الجوفية والسطحية، والتهرّب الضريبي، وتهريب السّلع والعملة الصعبة، وغسل الأموال، وتدشين المشاريع عديمة الفائدة أو المُكلفة، وإيجاد الاحتكار الاقتصادي والقضاء على التنافسية… تُعتبر نماذج من الفساد الذي أوجدته الشبكات المتنفّذة صاحبة السلطة.
بلغ الفساد ذروته في عهد أحمدي نجاد، هذه المرحلة التي نهبت فيها شبكات الفساد ما يقرب من 800 مليار دولار، ولا يعلم أحد مصير هذا الدّخل التاريخي الكبير الذي كان بإمكانه أن يصنع عصرًا جديدًا، ولا يقبل أحد تحمّل مسؤولية تضييع هذه الثروة الوطنية. في هذه المرحلة قفز سعر الدولار من ألف تومان ليصل إلى أكثر من ثلاثة آلاف تومان، وحققت شبكات الفساد الفائدة الأكبر من الفارق غير المسبوق بين السّعر الحكومي للدولار والسّعر الحرّ، كما توقفت أكثر من خمسة آلاف وحدة إنتاجية وصناعية في إيران عن العمل، وانتهز المفسدون الفرصة لاستيراد كل ما يمكن استهلاكه، حتى مقابض الفؤوس والتربة التي يُسجَدُ عليها في الصلاة، وكانوا يبيعونها بالسعر الذي كانوا يشاؤون، كما دشّنوا مشاريع إنشائية بقيمة تعادل 500 ألف مليار تومان، وأوكلوها إلى الشركات التي كانت تحدّدها الشبكات المتنفّذة، دون الإعلان عن أي مناقصة، وفي نهاية المطاف انتقلت ديونها إلى كاهل حكومة روحاني، وتكرر هذا الأمر بشكل دقيق إبّان رئاسة محمد باقر قاليباف لبلدية طهران.

هذا الأداء تسبب في نسبة تضخم وصلت إلى 45%، وزاد الناس فقرًا، وضاعف خط الفقر إلى سبعة أضعاف، وأوصل مؤشّر البؤس في إيران إلى 57%، وجعل النمو الاقتصادي يهبط إلى -6%، وصنع بطالةً جامحة، و…
لا ينحصر أداء شبكات الفساد المدمّر في الاقتصاد، ومن حيث إنّ المكونات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية مرتبط بعضها ببعض، ولها تأثير متبادل، فإنّ أداء شبكات الفساد مثير للتوتر ومؤثّر في جميع هذه المجالات، وبناءً على هذا نرى أن نموّ معدّل الأضرار الاجتماعية ناتج عن أداء هذه الشبكات، فارتفاع معدلات الطلاق والإدمان، والنمو المتزايد في أعداد النساء المشرّدات، وانخفاض معدّل أعمار المومسات والمدخّنين والمدمنين، وانتشار ظاهرة الأطفال العاملين، وارتفاع أعداد المومسات المتزوّجات، من بين النتائج التي تسبب بها نشاط شبكات الفساد المدعومة من مؤسسات السلطة.

بناءً على هذا الأداء وهذه النتائج نجد أن الفساد يتسبب بأزمة الشرعية والكفاءة، فعندما لا تتحقق أهداف ووعود الثورة، ويكابد الناس شظف العيش، ويصبحون ويمسون وهم يكررون «ألا ليت الماضي يعود»، وعندما لا يُسمَح لأي فئة أو جماعة أو نقابة بانتقاد هذا الوضع، والمطالبة بالحقوق، ولا يُسمح للنشطاء السياسيين والصحفيين بفضح الفساد وشبكاته، وعندما يضُمّ كل بيت بين جنباته بضعة من العاطلين، ولا يملك خريجو الجامعات أي أمل في المستقبل، ولا يقدر الآباء على توفير لقمة عيش أبنائهم، وعندما يواجه المجتمع خطر تحوّل الانتحار إلى وباء مُعْدٍ، وتعاني الأُسَر من أحد الأضرار الاجتماعية بما فيها الطلاق والإدمان وغير ذلك، هل يمكن في مثل هذا المجتمع أن يتمتّع النظام فيه بالشرعية والكفاءة؟ ألا يتملك الناس شعور بالتشاؤم إزاء شرعية وكفاءة هذا النظام واليأس منه؟
لقد عانت الجمهورية الإسلامية منذ اليوم الأول لانتصار الثورة من أزمة التضامن بين أفراد الطبقة الحاكمة، وما خلاف رجال الدين وأنصارهم مع الحكومة المؤقتة، ومن بعدها مع رئيس الجمهورية آنذاك أبو الحسن بني صدر، إلا مثال على هذه الأزمة التي أدت في يونيو 1981 إلى اندلاع مواجهات في الشوارع، ولكن هذه الأزمة خبت لبضع سنوات بسبب الحرب مع العراق، وتأثير شخصية الخميني، وقمع المخالفين على الإطلاق، وأصبح النظام يتمتع بوحدة نسبية. بالطبع كانت تحدث بعض الخلافات في وجهات النظر وبعض المشادات بين رئيس الجمهورية علي خامنئي ورئيس الوزراء مير حسين موسوي آنذاك، لكن الخميني كان يسيطر عليها.

بعد موت الخميني أصبحت تلك الخلافات وما نتج عنها من أزمات أكثر بروزًا، بحيث رُفضت أهلية كثيرين من مرشّحي «أتباع خط الإمام» (الإصلاحيين لاحقًا) خلال انتخابات البرلمان لدورته الرابعة، ولم يتمكنوا من الوصول إلى البرلمان، واستمرت هذه الخلافات حتى أعوام 97 و99، حين انتخب الناس محمد خاتمي رئيسًا للجمهورية والإصلاحيين نوابًا للبرلمان، معلنين بذلك عن دعمهم لهذا التيار، كما صوتوا بـ«لا» للتيار المعارض للإصلاحيين في جميع الانتخابات.

بلغ الخلاف بين النُّخبة السياسية في الجمهورية الإسلامية ذروتَهُ في انتخابات عام 2009 الرئاسية وما بعدها، وأوصل أزمة الطبقة الحاكمة على نطاق واسع، وعلى جميع مستويات النظام إلى ذروتها، وما زالت هذه الأزمة مستمرة، ولا يمكن إنكارها، فرئيس الوزراء المفضّل لدى المرشد تحت الإقامة الجبرية، وكذلك رئيس البرلمان الأسبق وممثل مؤسس الجمهورية الإسلامية في مؤسسة الشهيد ومنظمة الحج و… ورئيس الحكومتين السابعة والثامنة محظور إعلاميًّا، وكثير من شخصيات النظام السياسية التي كانت تتولى السلطة حتى عام 2005 إما في السّجن وإما ممنوعة من أي نشاط سياسيّ.

هذه الأمثلة وغيرها مما لا حاجة إلى ذكره هنا، مؤشرٌ على أزمة التضامن بين أفراد الطبقة الحاكمة، وقد بلغت هذه الأزمة ذروتها عندما بلغ الفساد أيضًا ذروته، فعندما تحطّم الرقم القياسي للفساد في إيران إبّان حكومتي أحمدي نجاد، بلغت أزمة التضامن ذروتها داخل النُّخبة السياسية، إذ وصف رئيس الجمهورية محمود أحمدي نجاد في مناظرات انتخابات 2009 الرئاسية كلًّا من رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام آنذاك هاشمي رفسنجاني، ومستشار خامنئي ورئيس هيئة التفتيش في مكتب المرشد الأعلى ناطق نوري، باللصوص، وحدث انقسام ملحوظ، وأدّى تزوير نتائج الانتخابات إلى الإبقاء على أحمدي نجاد رئيسًا، كما أدى القمع التاريخي للمحتجين على هذا التزوير إلى بلوغ أزمة التضامن بين أفراد الطبقة الحاكمة ذروتها. لاحقًا، وصف أحمدي نجاد ورفاقه آملي لاريجاني بأنه عميل بريطاني وفاسد.

كان يجب على شبكات الفساد إخراج منافسيها من الساحة من أجل توسيع نطاق عملها، وأحد الأساليب هو إيجاد أزمة في الطبقة الحاكمة وحذف المنافسين السياسيين الذين يقيدون حريتها في الفساد. وأن يسعى أحمد نجاد إلى إخراج أمثال هاشمي رفسنجاني وناطق نوري من دائرة النظام وتقليص حلقة الموثوقين والمحارم، فهذا يشير إلى أن شبكات الفساد تغلغلت إبّان حكومته، واستفادت من هذا التغلغل أيما استفادة من أجل صناعة الأزمة، وأوصلت أزمة التضامن بين أفراد الطبقة الحاكمة إلى ذروتها. لاحقًا، اتُّهِمَ أحمدي نجاد ورفاقه بارتكاب أنواع الفساد، وبعضهم يقبع الآن في السجن بتهم الاختلاس والارتشاء وغيرها، وفي الحقيقة ألقت شبكات الفساد بأحمدي نجاد نفسه خارج دائرة الموثوق بهم من قِبل النظام بعد أن استغلته وانتهت مدة صلاحيته.

فضلًا عن هذا، أصبح الفساد يؤدي إلى استياء الناس والاحتجاجات الجماهيرية، بحيث بات النظام يُجبَر على استخدام القوة والأساليب القمعية للحفاظ على نفسه، وكلما ارتفعت وتيرة هذا القمع زادت أبعاد أزمات النظام، وأصبح انهياره أمرًا لا مفرَّ منه. وبناءً على هذا، فالتهديد الحقيقي لنظام الجمهورية الإسلامية في الوقت الحالي هو الفساد ونموّ شبكات الفساد وتأثيرها.

إنّ النظام الذي لا يعاني من الأزمات المذكورة لا يُعتبر أي تحرّك مناهض له داخليًّا أو خارجيًّا بمثابة تهديد، لكنه إن عانى من هذه الأزمات فإن أصغر حركة تصبح بمثابة أخطر التهديدات، ويصبح احتمال انهياره قائمًا في أي لحظة. في الوقت الحالي، تسبب الفساد بجميع هذه الأزمات، وقد انتشر وتغلغل بحيث خرج عن السيطرة تقريبًا، ووضع النظام على حافة الانهيار، والآن العامل الأقوى في حفظ النظام هو قوّته القهرية والقمعية، التي ستضعف في يومٍ ما، وتخبو.

مادة مترجمة عن موقع «زيتون»


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعكس بالضرورة رأي المعهد

نصر الله لشني
نصر الله لشني
ناشط مذهبي وسياسي