خطر المناورات البحرية الإيرانية

https://rasanah-iiis.org/?p=20930

أعلن سلاح البحرية الإيرانية الأسبوع الماضي مقتل 19 بحارًا وإصابة 15 آخرين في حادث قصف سفينة بحرية تابعة للجيش لسفينة إمدادٍ حربيﱟ عن طريق الخطأ أثناء مناورة بحرية في خليج عمان.

وذكرت وسائل إعلام إيرانية أنّ سفينة الإمداد الحربية «كوناراك» غرقت بسبب تعرضها «لنيران صديقة»، انطلقت من الفرقاطة الإيرانية «جاماران»، التي كانت تختبر صاروخًا جديدًا مُضادًّا للسفن.

وقال التليفزيون الإيراني، على موقعه الإلكتروني، إنّ «سفينة كوناراك قُصفت بصاروخ خلال مناورة عسكرية في مياه بندر جاسك» جنوب إيران، مُشيرًا إلى أنّ سفينة الدعم اللوجيستي قصفت بعدما «تحركت لنقل هدف نحو وجهته، دون ترك مسافةٍ كافية بينها وبين الهدف».

الجدير بالذكر، أنّ القيادة العسكرية الإيرانية ظلت تتكتّم على عدد القتلى وحقيقة أسباب الحادث، ولم تقُم بنشر أيّ فيديو يوضح كيفية حدوث هذا الخطأ القاتل على الرغم من أنّ إيران عادةً تقوم بتوثيق مناوراتها العسكرية؛ مما يزيد الشكوك حول حقيقة ما حدث. 

وفي يناير الماضي، أسقطت إيران الطائرة التابعة لشركة الخطوط الجوية الأوكرانية بعد وقتٍ قصير من إقلاعها من طهران؛ ما أدى إلى مقتل 176 شخصًا كانوا على متنها. ونفت إيران إسقاط الطائرة في الأيام الثلاثة التي تلت الحادث، وقالت: إنّ خللًا فنيًّا قد يكون وراء الحادث، ولكن مع تكاثر الأدلة قال الحرس الثوري: إنّ «صاروخًا انطلق عن طريق الخطأ وأصاب الطائرة». ثُم بعد ذلك أكدت مشاهد صوّرها مواطنون إيرانيون أنّ الطائرة تمّ استهدافها بصاروخين اثنين وليس واحدًا؛ مما دعا طهران إلى الاعتراف بذلك مجدّدًا. الجدير بالذكر، أنّ السلطات الإيرانية لا تزال ترفضُ تسليم الصندوقين الأسودين التابعين للطائرة الأوكرانية المنكوبة.

عندما تمّ إسقاط الطائرة الأوكرانية، كان الحديث يدور حول عدم التنسيق بين الأجهزة العسكرية والمدنية المختلفة سواءً قوات الدفاع الجوي أو المطارات والقيادة والسيطرة وغرف العمليات العسكرية وغيرها، وكان الحديث يُركز على الحرس الثوري على وجه الخصوص. بعد الحادثة الأخيرة المرتبطة بالبحرية التابعة للجيش النظامي وليس الحرس الثوري تمّ اكتشاف أنّ الجيش الذي يُفترض أنه يملك تاريخًا طويلًا وخبرات متراكمة منذ الدولة البهلوية على عكس الحرس الثوري الذي أُسِّس بعد الثورة، اُكتُشف أنه يعاني من ذات المعضلة أيضًا وربما يعود السبب في ذلك إلى أنّ النظام الثوري في إيران لا يثقُ كثيرًا في الجيش النظامي ويعتقد بوجود ولاءاتٍ داخلهم للنظام البهلوي ومن هنا نفهم أسباب حقيقةَ أنّ ميزانية الحرس الثوري ثلاثة أضعاف ميزانية الجيش النظامي على الرغم من أنّ الجيش أكثر من الحرس الثوري بثلاثة أضعاف تقريبًا وكأنّ ميزانية الجيش قد سُلمت للحرس. أيضًا يدور الحديث كثيرًا في الداخل الإيراني على قيام خامنئي بصفة القائد الأعلى للقوات المسلحة بنقل شخصياتٍ قياديّة من قطاعات الحرس الثوري إلى الجيش النظامي لضمان ولاء الجيش للثورة.

لكن أين يكمن الخطر؟

يتضح من خلال الحوادث العسكرية الإيرانية المتكررة عدة أمور مهمة، أولها: إنّ الأخطاء تقود إلى احتمالية تكرارها مستقبلًا كما حدث سابقًا وهذا يُشكل خطرًا على الملاحة الدولية والمناطق المدنية القريبة من مناطق المناورات العسكرية، وأنّ ضعف الجوانب التقنية في العتاد العسكري الإيراني لا يُمكن أن يجعلها تتملص من المسؤولية نتائج أعمالها العدائية داخليًّا وخارجيًّا.

إنّ الخطر لا يكمُن في ضعف التقنية واعتماد طهران في جوانبها العسكرية على الجانب الكمّي أكثر من الكيفي فحسب؛ بل الأهم من ذلك أنه يكمن في العقلية التي تُدير هذه الأسلحة وتتحكم فيها، إذ يغلب عليها البُعد الأيديولوجي والطائفي. كما أنّ حقيقة قيام النظام بتسليم العتاد العسكري من صواريخ وطائرات مسيرة للميليشيات التابعة له في العراق ولبنان واليمن تقود إلى فهم أهداف النظام من التطوير العسكري والمناورات المتكررة، وفي غالبها هجوميّة، وهذا على عكس ما يُروج له النظام بأنّ برنامجه الصاروخي للأهداف الدفاعية.

في ظل هذا الواقع الذي نعيشه، وفي ظل طبيعة النظام الحاكم في طهران، كيف يتم السماح لإيران بالاستمرار في تطوير برنامجها النووي وبرنامجها الصاروخي، وما هي الضمانات في عدم الوقوع في أخطاء أخرى قد تكون كارثيّة على إيران والمنطقة برمتها. إنّ هذه المخاوف ينبغي أن يتمّ معالجتها من قِبَل المجتمع الدولي وعلى وجه الخصوص مجموعة 5+1 التي شرعنت لإيران تطوير برنامجها النووي سواءً من خلال منحها حقّ تخصيب اليورانيوم بنسبٍ وصلت الآن إلى 20% أو مع نهاية خطة العمل المشتركة بعد عشر سنوات في ظل عمل طهران على تطوير صواريخ باليستية قادرةٌ على حمل رؤوس نووية.

المصدر: Arab News


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولاتعكس بالضرورة رأي المعهد 

د.محمد بن صقر السلمي
د.محمد بن صقر السلمي
مؤسس ورئيس المعهد الدولي للدراسات الإيرانية