ظريف ودور «العجلة الخامسة»

https://rasanah-iiis.org/?p=15900

بواسطةرضا تقي زاده

سافر ظريف الجمعة الماضية إلى ميونخ في ألمانيا، للمشاركة في المؤتمر الأمني السنوي الذي يقام هناك، وعلى عكس الماضي، فقد تزامن سفره هذا مع موجة انتقادات من معارضي حكومة حسن روحاني في الداخل، ولم يرحَّب به في الخارج أيضًا بسبب المواقف المنتقَدة التي اتخذها النظام الإيراني خلال العامين الماضيين. في خضمّ المفاوضات النووية بين إيران ومجموعة 1+5، وبعد التوقيع على الاتفاق النووي بتاريخ 15 يوليو 2015، كان ظريف يسير جنبًا إلى جنب مع وزراء خارجية القوى العظمى، وكان محطّ ترحيب وسائل الإعلام العالمية، وعلى الرغم من موقف الاتحاد الأوروبي الداعم للاتفاق النووي مع طهران، فإن تصعيد النشاطات الصاروخية الإيرانية بالتزامن مع تنامي الوجود العسكري الإيراني في المنطقة خلال العامين اللذين تلَوَا توقيع الاتفاق، واجه انتقادات حادَّة من الدول الأوروبية ودول المنطقة وأمريكا.

شارك ظريف في مؤتمر ميونخ بعد يوم من انتهاء أعمال مؤتمر وارسو الذي يهدف إلى استعراض التهديدات الأمنية الإيرانية التي تواجه السلام والأمن العالمي وأمن دول المنطقة، وتَوَجَّه جمع غفير من المشاركين في هذا المؤتمر مباشرة إلى ميونخ.

أحد الشروط المسبقة للنجاح الدبلوماسي لأي دولة وجود دعم داخلي، وجلب دعم الدول الصديقة لأداء المهمَّة المخطَّط لها، وهو ما جرَّبَته حكومة روحاني عندما نجحت في توقيع الاتفاق النووي، لكن الجبهة الداخلية أصبحت مشتَّتة ومنقسمة بسبب الأوضاع الحالية الناجمة عن حالة الطوارئ واستمرار الظروف الاقتصادية الصعبة، وسقوط قيمة العملة الوطنية، وارتفاع معدَّل البطالة، وانتشار الفقر والمشكلات المعيشية.

استئناف العقوبات الأمريكية والإجراء الأوروبي غير المؤثِّر من أجل تدشين القناة المالية وتوفير التسهيلات لاستمرار تجارة إيران مع أوروبا، وضعا معارضي الاتفاق النووي ومنتقدي استمرار اعتماد الحكومة على ضرورة التفاوض مع أوروبا في الداخل في موقف هجومي جديد، فهاجموا بالتزامن مع تَوجُّه ظريف إلى ميونخ الآلية المالية الأوروبية الجديدة المسماة «إينستكس»، التي حتى لو دُشِّنَت فستكون خدماتها مشروطة، ومحصورة في الموادّ الغذائية والدواء والمساعدات الإنسانية، وقد أشارت وكالة «مهر» إلى نقاط ضعف هذه الآلية بالتفصيل في تحليل لها يوم الجمعة الماضية. في اليوم الذي تَوَجَّه فيه ظريف إلى ألمانيا للترويج لمواقف النظام، وجلب مزيد من الدّعم الأوروبي من خلال المفاوضات الثنائية على هامش مؤتمر ميونخ، صرَّح القائد العام للحرس الثوري في طهران بأن أنصار التفاوض هم عملاء اخترقوا الحكومة وليبراليين سلبيين.

في حين يَعتبر رجال الحكومة الأمريكية والممثلون السياسيين عن دول المنطقة، إيرانَ الدَّاعم الأول للإرهاب في العالم، فإن مساعي ظريف في ميونخ الرامية إلى إظهار إيران على أنها ضحية للإرهاب، لم تؤدِّ النتيجة المرجوَّة، وبالنظر إلى وضع حكومة روحاني والتشتُّت السياسي في الدّاخل، ومَيل أوروبا التدريجي نحو السياسات الأمريكية الرامية إلى فرض عقوبات نووية على إيران، وتَغَيُّر لهجة طهران السياسية واستخدامها لغة دبلوماسية ركيكة ومُهينة إزاء الدول المعارضة لها، يبدو أنه يمكن تشبيه دور ظريف في مؤتمر ميونخ الأمني في أفضل حالاته بالدور الذي تلعبه «العجلة الخامسة».

مادة مترجمة عن موقع راديو فردا


  الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعكس بالضرورة رأي المعهد

رضا تقي زاده
رضا تقي زاده
محلل سياسي ومتخصص في الشؤون الإيرانية